والرابع: التنصيص على العموم (١)، أو تأكيد التنصيص عليه (٢)، وهي الزائدة (٣).
ولها ثلاثة شروط: أن يسبقها نفي، أو نهي (٤) … ... … ... … ... … ... … ...
المعنى: أن هذه السيوف جريت واختبرت مرات كثيرة من هذا الوقت، وأظهرت التجارب مضاءها وصفاء جوهرها، وجودة صقلها، وشدة فتكها بالأعداء.
الشاهد: في قوله "من أزمان"؛ فإن "من" فيه لابتداء الغاية الزمنية على مذهب الكوفيين، ويجب البصريون على ذلك: بأن الكلام على تقدير مضاف؛ أي من استمرار يوم حليمة، وكذلك يقدرون مضافا في الحديث؛ لتكون "من" لابتداء الغاية في الأحداث؛ أي من صلاة يوم الجمعة، وقد يكون الابتداء في غير الزمان والمكان؛ نحو: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ﴾، وقولك: من فلان إلى فلان.
(١) أي عموم المعنى وشمول كل فرد من أفراد الجنس، وهي الداخلة على نكرة ليست ملازمة للوقوع بعد النفي، ولا تدل على العموم بنفسها؛ نحو: ما جاءني من رجل؛ ذلك أن كلمة "رجل" من النكرات التي قد تقع بعد النفي، أو لا تقع، فوقوعها بعد النفي لا يفيد العموم والشمول لكل فرد، بل يحتمل خروج بعض الأفراد من دائرة النفي، فإذا أريد النص في الشمول على سبيل اليقين؛ جيء بالحرف الزائد "من"، ووضع قبل النكرة مباشرة؛ ومن ثم لا يصح أن يقال: ما غاب من رجل، وإنما غاب رجلان أو أكثر؛ منعا للتناقض.
(٢) هي الداخلة على نكرة لا تستعمل إلا بعد نفي أو شبهه، فتدل بنفسها على العموم؛ مثل: أحد، عريب ديار؛ تقول: ما جاءني من أحد، فيدل ذلك دلالة قاطعة على العموم والشمول، وإنما كانت الأولى للتنصيص، وهذه للتأكيد؛ لأن النكرة الملازمة للنفي تدل على العموم بنفسها فزيادة "من" تأكيد لذلك العموم. أما الأولى فإن النكرة قبل دخول "من" تحتمل نفي الوحدة، ونفي الجنس على سبيل العموم؛ فدخولها نص على الثاني.
(٣) المراد بزيادتها: وقوعها في موضع يطلبه العامل بدونها، فتكون مقمحة بين طالب ومطلوب، وإن كان سقوطها مخلا بالمعنى المراد.
(٤) فلا تزاد في الإثبات إلا في تمييز "كم" الخبرية؛ إذا كان مفصولا منها بفعل متعد، نحو قوله تعالى: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾.