للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: البعدية (١)؛ نحو: ﴿طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾؛ أي حالا بعد حال (٢).

والثالث: الاستعلاء؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ أي: على نفسه، وقول الشاعر:

لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب

عني … (٣)؛ أي: علي

(١) أي: أن تكون بمعنى "بعد".

(٢) أي: من البعث والسؤال والموت، أو من النطفة إلى ما بعدها، وقيل: إن "عن" هنا باقية على ظاهرها. والمعنى: طبقا متجاوزا في الشدة عن طبق آخر دونه.

(٣) جزء بيت من البسيط، لذي الإصبع العدواني، واسمه حرثان بن محرث، ولقب بذي الإصبع؛ لأن حية نهشت إبهام رجله فقطعها، في مزين بن جابر تمامه:

ولا أنت دياني فتخزوني

وهذا البيت من قصيدة له مشهورة، مطلعها:

يا من لقلب شديد الهم محزون … أمسى تذكر ريا أم هارون

وبعده:

ولا تفوت عيالي يوم مسغبة … ولا بنفسك في الضراء تكفيني

فإن ترد عرض الدنيا بمنقصتي … إن ذلك مما ليس يشجيني

ومنها:

إن الذي يقبض الدنيا ويبسطها … إن كان أغناك عني سوف يغنيني

اللغة والإعراب: لاه: أصله: لله، حذفت لام الجر، واللام الأولى من لفظ الجلالة شذوذا، أفضلت: زدت وصرت صاحب فضل. حسب: هو كل ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه ومآثرهم. دياني: مالك أمري، وهو صيغة مبالغة، من دان فلان فلانا، أخضعه وملك أمره. تخزوني: تسوسني وتقهرني. "لا" مجرور بحرف جر محذوف، والجار والمجرور خبر مقدم. "ابن عمك" مبتدأ مؤخر مضاف إليه. "لا" نافية "أفضلت" فعل. ونائب فاعل. "في حسب عني" متعلقان بأفضلت. "لا" نافية "أنت" مبتدأ. "دياني" خبر مضاف إلى ياء المتكلم. "فتخزوني" مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية، وسكنت الواو تخفيفا وللقافية.

المعنى: لله در ابن عمك، يعني نفسه، فقد حاز من الصفات السامية ما يتعجب منه، وأنت لم تفضلني في المفاخر، ولست القائم على أمري وبيدك مصيري، حتى تسوسني وتقهرني وتذلني.

الشاهد: أن "عن" للاستعلاء بمعنى "على"؛ لأن المعروف أن يقال: أفضلت عليه: وجوز الرضي: أن تكون "عن" باقية على أصلها؛ وضمن الشاعر أفضلت، معنى تجاوزت في الفضل، وفي البيت حذف الجر وإبقاء عمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>