للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسم دار وقفت في طلله (١)

وقد يحذف غير "رب" ويبقى عمله؛ وهو ضربان:

سماعي؛ كقول رؤبة: "خير والحمد لله"؛ جوابًا لم قال له: كيف أصبحت؟ (٢)

وقياسي (٣)؛ كقولك: بكم درهم اشتريت ثوبك؟؛ أي: بكم من درهم؟ خلافًا للزجاج في تقديره الجر بالإضافة (٤).

بعد الفاء، وشاع بعد الواو.

(١) صدر بيت من الخفيف، لجميل بن معمر العذري، وعجزه:

كدت أقضي الحياة من جلله

اللغة والإعراب: رسم دار: هو ما بقي من آثارها لاصقا بالأرض؛ كالرماد ونحوه.

طلله، الطلل: ما شخص؛ أي ارتفع من آثارها؛ كالوتد والأثافي. من جلله: من أجله، أو من عظم شأنه في نفسي. "رسم" بالجر مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة، وجر لفظا برب محذوفة. "دار" مضاف إليه، "وقفت" الجملة صفة لرسم. "في طلله" جار ومجرور متعلق بوقفت. "كدت" كاد واسمها أقضي الحياة" الجملة خبر كاد، والجملة من كاد ومعموليها خبر المبتدأ.

المعنى: رب أثر باق من آثار ديار الأحبة، وقفت عنده؛ فكدت أموت أسى وحزنا على تلك الديار؛ التي كانت عامرة ولها أعظم شأن في نفسي، فأصبحت خرابا خاوية من أهلها.

الشاهد: جر "رسم" برب محذوفة؛ من غير أن يسبق هذا المجرور حرف من الأحرف الثلاثة التي مرت، وذلك نادر.

(٢) الأصل: بخير، أو على خي؛ فحذف الجار، وأبقي عمله. ورؤبة هذا من فصحاء العرب، الذين يستدل بقولهم.

(٣) ويطرد في مواضع كثيرة؛ منها: أن يكون حرف الجر داخلا على تمييز "كم" الاستفهامية؛ بشرط أن تكون مجرورة بحرف جر مذكور قبلها؛ كمثال المصنف.

(٤) بأي إضافة "كم" إلى تمييزها.

<<  <  ج: ص:  >  >>