وما يختص بضمير المخاطب، وهو: مصادر مثناة لفظا ومعناها التكرار (١) وهي: "لبيك" بمعنى إقامة على إجابتك بعد إقامة (٢)، و"سعديك" بمعنى إسعادا لك بعد إسعاد، ولا تستعمل إلا بعد لبيك (٣)، و"حنانيك" بمعنى تحننا عليك بعد تحنن، و"دواليك" بمعنى تداولا بعد تداول (٤)، و"هذاذيك" -بذالين معجمتين- بمعنى إسراعا لك بعد إسراع. قال:
ضربا هذاذيك وطعنا وخضا (٥)
(١) المراد بالتكرار، التكثير الذي يزيد على اثنين، وهي ملحقة بالمثنى في إعرابه؛ مراعاة لمظهرها، وليست مثنى حقيقا من حيث معناها، وتعرب مفعولا مطلقا لفعل من لفظها، إلا هذاذيك، فيقدر فعلها من معناها، وهو: أسرع على الصحيح.
(٢) أصل لبيك: ألب لك إلبابين؛ أي أقيم على طاعتك وإجابتك إقامة كثيرة، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه، ثم حذف الزوائد، وحذف الجار من الضمير المفعول وأضيف المصدر إليه، وقيل: إنه من لب بمعنى ألب؛ أي أقام؛ وكذا الباقي؛ ومثلها: حجازيك؛ أي محاجزة بعد مجاجزة، وحذاريك؛ أي حذرًا بعد حذر.
(٣) لأن "لبيك" هي الأصل في الإجابة، و"سعديك" بمنزلة التوكيد لها.
(٤) أي تواليا وتناوبا في طاعتك بعد توال وتناوب.
(٥) صدر بيت من الرجز، للعجاج، من أرجوزة يمدح فيها الحجاج بن يوسف الثقفي، وعجزه:
يمضي إلى عاصي العروق النحضا
اللغة والإعراب: ضربا هذاذيك: أي ضربا يهذا هذا بعد هذ؛ والهذ: الإسراع في القطع وغيره، وخضا -الوخض: الطعن الذي يصل إلى الجوف، وقيل بالعكس، والمراد: الطعن الذي يسرع إلى الموت، عاصي العروق: هو العرق الذي يسيل ولا يرقأ دمه، وجمعه عواص، النحضا، النحض: اللحم المكتنز كلحم الفخذ، "ضربا" مصدر منصوب بفعل محذوف، أو مفعول به لمحذوف؛ أي نجزيهم ضربا. "هذاذيك" مفعول مطلق لمحذوف من معناه؛ أي أسرع، وهو مضاف إلى الكاف، "وطعنا" معطوف على ضربا "وخضا" صفة له "يمضي" الجملة صفة ثانية لضربا "النحضا" منصوب على تقدير الخافض "في" المعنى: اضرب ضربًا كثيرا مسرعًا في القطع، واطعن طعنًا جائفًا في اللحم حتى يمزق الأجسام، فتصل أجزاؤها إلى العروق العاصية التي يسيل دمها بلا انقطاع.