قال البصريون: لظفه لفظ الأمر (١)، ومعناه الخبر (٢)، وهو في الأصل فعل ماض على صيغة "أفعل"؛ بمعنى: صار ذا كذا (٣)؛ كأغدا البعير، أي صار ذا غدة (٤)، ثم غيرت الصيغة (٥)، فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر (٦)، فزيدت الباء في الفاعل؛ ليصير على صورة صيغة المفعول به (٧)؛. . . . . . . . . . .
(١) - أي أنه جاء على صورة الأمر، فيبنى على السكون إن كان صحيح الآخر، وعلى حذف حرف العلة إن كان معتلا؛ كالأمر، نظرا لصورته. أو يبنى على فتح مقدار منع من ظهوره مجيئة على صورة الأمر؛ نظرا لمعناه.
(٢) - أي معناه في الاصل الخبر. أما الآن فالجملة كلها لإنشاء التعجب، ولا تدل على زمن مطلقا كما بينا قريبا. أو يكون مراد المصنف بالخبر، ما قابل الطلب، فيشمل الإنشاء غير الطلب كما هنا.
(٣) - أي: أن أصل "أحسن بزيد": أحسن زيد، أي صار ذا حسن، فهمزته للصيرورة. وهكذا باقي صيغ "افعل" التي جاءت في ظاهرها على صورة الأمر؛ وهي في الحقيقة فعل ماض يراد منه التعجب.
(٤) - الغدة: طاعون الإبل، ولا تكون الغدة إلا في البطن.
(٥) - أي: غيرت إلى صيغة الأمر؛ وذلك عند قصد التعجب؛ ليوافق اللفظ في التغيير، تغيير المعنى من الإخبار إلى الإنشاء.
(٦) - لأن فعل الأمر لا يرفع الاسم الظاهر مطلقا.
(٧) - وزيادتها في هذا الموضع لازمة، إذا كان المجرور بها اسما صريحا لا مصدرا مؤولا. وإلى صيغتي التعجب المذكورتين أشار الناظم بقوله:
"بأفعل" انطق بعد "ما" تعجبا … أو جيء بـ"أفعل" قبل مجرور ببا*
أي انطق بصيغة "أفعل" لأجل التعجب، بشرط أن تقع هذه الصيغة بعد "ما" التعجبية. أو جيء بصيغة "أفعل" بعدها المتعجب منه؛ أي من شيء فيه، مجرورًا بالباء.
* "بأفعل": متعلق بانطق، "بعد": ظرف متعلق بانطق أيضا، "ما": اسم تعجب مضاف إليه، "تعجبا": مفعول لأجله أو حال من فاعل انطق عل التأويل بالمشتق أي انطق متعجبا، "أو جئ": معطوف على انطق وما بعده متعلق به، "ببا": متعلق بمجرور وقصر للضرورة.