للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ما أحسنه"، إن دل عليه دليل (١)؛ كقوله:

ربيعة خيراً ما أعف وأكرما (٢)

وفي "أفعل به" إن كان "أفعل" معطوفا على آخر، مذكور معه؛ مثل ذلك المحذوف؛ نحو: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِر﴾ (٣)، وأما قوله:

فإذا قلت: ما أحسن الإخلاص في العمل؛ فإن التعجب من حسن الإخلاص، لا من الإخلاص ذاته؛ لأن التعجب من الأحوال لا من الذوات.

(١) - ويشترط أن يكون ضميرا، سواء أكان منصوبا "بأفعل" أم مجرورا بالباء بعد "أفعل".

(٢) - عجز بيت من الطويل لسيدنا علي بن أبي طالب، من كلمة يمدح فيها ربيعة على ما أبلت معه يوم صفين، وصدره:

جزى الله عني والجزاء بفضله*

اللغة والإعراب: جزى: كافأ؛ من المجازاة وهي المكافأة. بفضله: بإحسانه. "والجزاء بفضله" الجملة من المبتدأ والخبر معترضة. "ربيعة" مفعول أول لجزي. "خيراً" مفعول ثان. "ما أعف" ما تعجبه مبتدأ، وأعف فعل ماض للتعجب، وفاعله يعود على ما، والجملة خبر المبتدأ. "وأكرما" معطوف على أعف، والألف للإطلاق، ومفعول فعل التعجب؛ وهو المتعجب منه، محذوف للعلم به؛ أي ما أعفها وأكرمها. والمراد هنا: عفتهم عن المغانم وأسلاب القتلى. أنظر إلى قول عنترة:

ينبئك من شهد الوقيعة أنني … أغشى الوغى وأعف عند المغنم

الشاهد: حذف المتعجب منه؛ وهو مفعول فعل التعجب؛ لأنه ضمير يدل عليه سياق الكلام.

(٣) - أي: أبصر بهم؛ وإنما جاز حذف المجرور بعد "أفعل" للدليل، مع كونه فاعلا؛ لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلة، فجاز فيه ما يجوز فيها، وقيل: لم يحذف، وإنما استتر في الفعل بعد حذف التاء. وقد أشار الناظم إلى حذف المتعجب منه بقوله:

وحذف ما منه تعجب استبح … إن كان عند الحذف معناه يضح*


* "وحذف" مفعول مقدم لاستبح. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "منه" متعلق بتعجب الواقع صلة لما. "إن كان" شرط وفعله. "عند الحذف" عند ظرف متعلق بيضح، والحذف مضاف إليه. "معناه" اسم كان. "يضح" الجملة خبر كان، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>