للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حميدا وإن يستغن يوما فأجدر (١)

أي به، فشاذ (٢)

أي يباح لك ويجوز حذف المتعجب منه؛ وهو المنصوب بعد "أفعل"، والمجرور بالباء بعد "أفعل"، إن كان معناه يظهر عند الحذف؛ بأن دل عليه دليل بعد حذفه.

(١) - عجز بيت من الطويل، في وصف صعلوك، لعروة بن الورد، المعروف بعروة الصعاليك، وقد كان حفيا بهم، يجمعهم ويقوم بشئونهم وصدره:

فذلك إن يلق المنية يلقها

اللغة والإعراب: فذلك: الإشارة لصعلوك وصف بأوصاف كثيرة في أبيات قبل هذا البيت؛ منها:

ولله صعلوك صحيفة خده … كضوء شهاب المائس المتنور

المنية: الموت. حميدا: محموداً؛ فهو فعيل بمعنى مفعول. فأجدر: أي ما أجدره، وما أحقه. "فذلك" ذا: اسم إشارة مبتدأن واللام للبعد، والكاف حر خطاب. "إن يلق" شرط وفعله، والفاعل يعود إلى الصعلوك. "المنية" مفعول به. "يلقها" يلق فعل مضارع جواب الشرط، مجزوم بحذف الألف، و"ها" مفعول تعود على المنية، والجملة خبر المبتدأ، "حميدا" حال من فاعل يلقها. "فأجدر" الفاء واقعة في جواب الشرط الثاني؛ و"أجدر" فعل ماض للتعجب جاء على صورة الأمر، وحرك للروي، وفاعله محذوف؛ أي به، والجملة في محل جزم جواب الشرط.

المعنى: هذا الصعلوك الموصوف بالصفات المذكورة، إن مات في سبيل مطالبه، يموت وهو محمود الفعل عند الناس، لما كان عليه من عفة وعزة نفس، وما له من صفات كريمة، وإن عاش واستغنى؛ فما أحقه وما أخلقه بالغنى؛ لأنه وصل إليه بسعيه وجده.

الشاهد: في قوله "فأجدر"؛ حيث حذف المتعجب منه مع حرف الجر، من غير أن تكون صيغة التعجب المحذوف معمولها، معطوفة على أخرى مذكور معمولها المشابه للمحذوف، على حد قوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ من الآية ٣٨ من سورة مريم.

(٢) - أي لعدم العطف المذكور، قال الصبان: والأوجه عندي أنه ليس بشاذ، وأنه لا يشترط هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>