فضرورة. وأما قوله -تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ﴾ في قراءة قنبل (١)، فقيل:"من" موصولة (٢)، وتسكين "يصبر": إما لتوالي حركات الباء والراء والفاء والهمزة (٣)، أو على أنه وصل بنية الوقف، وإما على العطف على المعنى؛ لأن "من" الموصولة بمعنى الشرطية؛ لعمومها وإبهامها (٤).
تنبيه: إذا كان حرف العلة بدلًا من همزة؛ كيقرأ ويقرئ، ويوضؤ: فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم، فهو إبدال قياسي (٥)، ويمتنع حينئذ الحذف لاستيفاء الجازم مقتضاه؛
(١) أي: بإثبات الياء في "يتقي"، وتسكين الراء في "يصبر" وقنبل: هو أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن المخومي المكي الملقب بقنبل. كان إماما في القراءات، ضابطًا متقنًا، انتهت إليه مشيخة الإقراء بالحجاز، ورحل إليه الناس من سائر الأقطار، وهو من أصحاب ابن كثير، وقد أخذ عنه، وتوفي بمكة سنة ٢٩١ هـ.
(٢) أي: ليست شرطية جازمة، ويتقي مرفوع لا مجزوم.
(٣) أي: من قوله -تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾. والعلماء يكرهون توالي أربع حركات فيما هو كالكلمة الواحدة. وهنا: نزل "ويصبر فإن" منزلة الكلمة الواحدة.
(٤) وأيضا فمدخولها مستقبل، وتدخل الفاء في خبرها كما تدخل في جواب الشرطية. ولهذا صح العطف بالجزم على الصلة كما يعطف على الشرط. وقيل: إن "من" شرطية، والياء في "يتقي" للإشباع، ولام الفعل حذفت للجازم. وهنالك لغة تجيز إبقاء حرف العلة في آخر المضارع المجزوم، ويكون الجزم بالسكون المقدر على حرف العلة. وكل ما تقدم إذا كان حرف العلة أصليا في مكانه، لا بدلا من همزة كما سيذكره المصنف.
(٥) لأن الهمزة ساكنة بالجازم؛ فتقلب حرف علة من جنس حركة ما قبلها. ويكون المضارع مجزوما بسكون مقدر على الهمزة المنقلبة ألفا أو واوا أو ياء.