وإن كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع، وجاز في الباقي القطع (١)؛ كقوله:
ويأوي إلى نسوة عطل … وشعثا مراضيع مثل السعالي (٢)
وحقيقة القطع: أن يجعل النعت خبراً لمبتدأ، أو مفعولًا لفعلٍ. فإن كان النعت المقطوع
أي: إذا كثرت النعوت وتعددت، وجاءت بعد منعوت غير معين، محتاج إليها جميعا في تعيين مسماه، وجب إتباعها كلها له في حركته الإعرابية. وإن كان المنعوت معينا ومتضحا بدونها كلها؛ فاقطع النعوت أو أتبعها. وإذا كان معينا ببعضها، فاقطع أو أتبع هذا البعض، وأتبع ما عداه.
(١) سواء افتقر إلى جميعها، أو لا؛ لان القصد من النعت هنا التخصيص، وهو لا يتطلب أكثر من نعت واحد.
(٢) بيت من المتقارب، من قصيدة لأمية بن أبي عائذ الهذلي، يصف صيادا.
اللغة والإعراب: يأوي، المراد: يرجع ويثوب، وأصله من أوى فلان إلى فلان، أي نزل عنده وسكن إليه، وفلان مأوى المساكين، أي أنهم ينزلون عليه ويجدون عنده راحتهم. عطل: جمع عاطل، وهي المرأة التي خلا جيدها من الحلي. شعثا: جمع شعثاء؛ وهي المرأة السيئة الحال، الملبدة الشعر. مراضيع: جمع مرضع، وزيدات الياء للإشباع، أو جمع مرضاع، والياء منقلبة عن الألف في المفرد. السعالي: جمع سعلاة؛ وهي أخبث الغيلان. "يأوي": فعل مضارع فاعله يعود على الصائد. "عطل" صفة لنسوة. "وشعثا" منصوب على الاختصاص بفعل محذوف، تقديره أخص. "مراضيع " صفة لشعثا. "مثل السعالي" مثل نعت ثان لشعثا والسعالي مضاف إليه.
المعنى: أن هذا الصائد يغيب عن منزله ونسائه مدة للصيد؛ سعيا وراء رزقه، ثم يعود إليه فيجد نسوة بائسات، قد خلت أعناقهن من الحلي، وتلبدت واغبرت شعورهن، وهن يرضعن أبناءهن. وتراهن في هذا المنظر القبيح كأخبث الغيلان.
الشاهد: جر "عطل" على الإتباع وجوبا؛ لأنه نعت لنكرة، وجواز الإتباع والقطع في
مفتوحة، معطوف على أتبع. "إن يكن معينا" إن يكن شرط وفعله، ومعينا خبر يكن. "أو بعضها" مفعول مقدم لا قطع مضاف إلى ها. "معلنا" حال من الضمير في القطع، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام.