للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا لا أبوح بحب بثنة إنها (١)

وإن كان غير جوابي، وجب أمران: أن يفصل بينهما (٢)، وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد أن كان مضمرا (٣)؛ نحو: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا

"لا"، سواء كان لنفي مجردا؛ نحو: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ﴾، أو مقرونا باستفهام، حقيقا كان؛ نحو: أليس زيد بقائم؟ فتقول: بلى. أو توبيخاً، نحو: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ، بَلَى﴾، أو تقريريا؛ نحو: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾. وقد يجاب بـ"بلى" عن الاستفهام المجرد عن النفي؛ ففي صحيح البخاري أنه قال لأصحابه: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى" وفي صحيح مسلم: أن الرسول قال لرجل أراد زيادة بعض أولاده بالإعطاء: "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى".

ومما سبق يتبين أن "لا" لا تأتي إلا بعد إيجاب. وأن "بلى" لا تأتي إلا بعد نفي غالبا، وأن "نعم" تأتي بعدهما.

(١) صدر بيت من الكامل، لجميل بن عبد بن معمر العذري، المعروف بجميل بثينة؛ محبوبته وعجزه:

أخذت علي موثقا وعهودا

اللغة والإعراب: لا أبوح: لا أفشي ولا أظهر؛ من باح بسره، إذا أفشاه وتكلم به، موثق، وهو العهد والميثاق، "لا" نافية، والثانية توكيد لها. "بحب" متعلق بأبوح. "بثينة" مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. "مواثقا" مفعول أخذت. "وعهودا" معطوف على مواثقا عطف تفسير.

المعنى: لا أفشي ولا أخبر أحد بالحب الذي بيني وبين بثينة؛ لأنها أخذت علي عهدا مؤكدا ألا أبوح بحبها ولا أظهره، ويجب أن أفي بعهدي لها.

الشاهد: توكيد "لا" توكيدا لفظيا" وهي حرف جواب لا تحتاج للفصل بين المؤكد والمؤكد، ولا لشيء آخر كالحروف غير الجوابية؛ كما سيأتي.

(٢) أي بين المؤكد والمؤكد بفاصل ما.

(٣) أي إن كان ما اتصل بالحرف المؤكد مضمرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>