للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا أبو داود أخبرنا صفوان بن صالح أخبرنا الوليد أخبرنا الأَوزاعِيّ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيرٍ.

قوله تَضَعْضَعَ بِهُم الدَّهْرُ أي ضَعْضَعَهُم الدَّهْر ومَعْنَاهُ بَدَّدَهم وشَتَّتَ شَمْلَهُم والضَّعْضَعَةُ التَّبْدِيدُ والتَّفْرِيقُ. قال جريرٌ:

بَازٍ يُضَعْضِعُ بالدَّهْنَا قَطًا جُونَا ١

ومثله الدَّغْدَغَةُ ومن كلام العرب في تَبْدِيد الشَّمْل صار القَوْمُ أيادِيَ سَبَا وتَفَّرقُوا شذَرَ مذَرَ وشَغَرَ بَغَرَ إذا صاروا عَبَادِيدَ شَتَّى وإِنَّمَا نُسِبَ للتفرق والتَّبَدُّدُ إلى الدَّهْرِ عَلَى مَعْنى أنَّ وقوعهما كان في أَيَّام الدَّهْر والعَرَبُ تقول في الرَّجُل إذا طال عُمُرُهُ قد أكل عليه الدَّهْرُ وشَرِب يُرِيدُ أَنَّهُ أَكَلَ وَشَرِبَ دَهْرًا طَويلا

ومن هذا قول اللَّه تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} ٢ أي مَكْرُكُم في اللَّيْلِ والنَّهَار ومثله قَوْلُهُم لَيْلٌ نَائِمٌ أَيْ مَنُومٌ فِيِهِ قال الشَّاعِر:

لَقَد لُمْتِنَا يا أُمُّ غَيْلان في السُّرَى ... ونِمْتِ ومَا لَيْلُ المَطيِّ بِنَائِمِ ٣

والوَحَا السُّرعَةُ والاستِعْجَال في السَّيْرِ والفِعْلُ مِنْهُ تَوَحَّيْتُ تَوَحِّيا.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ الْغَارِ أنه كان له غنم


١ الديوان "٤٨١" برواية: "بالسهبا" بدل "بالدهنا" من قصيدة يهجو فيها التيم وصدره:
كأن حاديها لما أصر بها.
٢ سورة سبأ: ٣٣.
٣ الخزانة "١/ ٤٦٥" برواية: "بالسري" والبيت لجرير من قصيدة يرد على الفرزدق, وهو في الديوان: "٤٥٤" وتقدم في الجزء الأول, لوحة "١٥٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>