للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لأَصْحَابِهِ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ" فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَاللَّهِ لأَضْرِبَنَّهُ بِالسَّيْفِ وَلا أَنْتَظِرُ أَنْ آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "انْظُرُوا إِلَى سَيِّدِنَا هَذَا مَا يَقُولُ" ١.

يَرْوِيهِ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ بُجْرَةَ عَنْ أَبِيهِ.

قوله: "انظُروا إلى سيّدنا" يُريدُ إلى مَنْ سَوَّدْنَاه عَلَى قَوْمه ورأَسْناهُ عليهم كما يَقولُ السلْطَانُ الأعظمُ فُلانٌ أمِيرُنا وقائدُنا أي مَن أَمَّرناه عَلَى الناس وَرتّبْنَاه لِقيادة الجُيُوش وكان سعدُ بنُ عُبادَة سيِّد الخَزرَج في الجاهليّة وجَعله رَسُولُ الله نَقِيبًا في الإسْلام. فعلى هذا يُتأوّلُ قولهُ: سيّدنا لا أعْلمُ للحَديثِ وَجْهًا غيره.

وكيف يَجُوزُ أن يكونَ أحدٌ يسوده وهو سيّدُ وَلَدِ آدَم أَحمرِهم وأَسْودِهم وإنما جاء في أكثر الرّوايات انظروا إلى ما يَقُولُ سَيّدُكُم.

فَأَمَّا حَدِيثُهُ الآخَرُ: أَنَّ وَفْدَ بَنِي عَامِرٍ قَدِمُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: أَنْتَ سَيِّدُنَا وَأَنْتَ الْجَفْنَةُ الْغَرَّاءُ.

حَدَّثَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ الْبُنَانِيُّ نا عَبْدُوسُ الْمَدَائِنِيُّ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ نا غَيْلانُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قدمنا على رسول الله فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ. قَالَ: فَقُلْنَا: أَنْتَ وَالِدُنَا وَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَأَنْتَ أَطْوَلُنَا طُولًا وَأَنْتَ الْجَفْنَةُ الْغَرَّاءُ فَقَالَ: "قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ". وَرُبَّمَا قَالَ: "لا يستجرينكم الشيطان" ٢.


١ لم أقف على رواية أسلم بن جرة وقد أخرجه مسلم في اللعان ٢/ ١١٣٥, ١١٣٦ بنحوه من حديث أبي هريرة وأخرجه أبو داود في الديلت ٤/ ١٨١.
٢ أخرجه الإمام أحمد في ٤/ ٢٥ بلفظ: "ولينا" بدل: "والدنا", وأبو داوود في ٤/ ٢٥٤ مختصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>