القول فيما يجب على من طلب الحديث من تعلم كلام العرب
وتعرف مذاهبها ومصارف وجوهها
إن بيان الشريعة لما كان مصدره عن لسان العرب، وكان العمل بموجبه لا يصح إلا بإحكام العلم بمقدمته، كان من الواجب على أهل العلم وطلاب الأثر أن يجعلوا أولا عظم اجتهادهم، وأن يصرفوا جل عنايتهم إلى علم اللغة والمعرفة بوجوهها، والوقوف على مُثُلها ورسومها.
ثم إن فنونها كثيرة، ومنادحها واسعة، والطمع عن الاستيلاء عليها منقطع، والإمعان في طلبها يستغرق العمر، ويصد عما وراءها من العلم، وملاك الأمر فيما تمس بهم إليه الحاجة منها معرفة أبواب ثلاثة: وهي أمثلة الأسماء، وأبنية الأفعال، وجهات الإعراب، فإن من لم يحكم هذه الأصول لم يكمل لأن يكون واعيا لعلم أو راويا له، وبالحريِّ [؟ وبالحرَى] أن يكون ما يفسده منه أكثر مما يصلحه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها، وأداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه). فالذاهب عن طريق الصواب فيها كيف