للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ خَيْلًا أَغَارَتْ عَلَى سَرْحِ المدينة فخرج رسول الله وَجَاءَ أَبُو قَتَادَةَ وَقَدْ رَجَّلَ شعره فقال رسول الله: "إِنِّي لأَرَى شَعْرَكَ حَبَسَكَ" فَقَالَ: لآتِيَنَّكَ بِرَجُلٍ سَلَمٍ ١.

يَرْوِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي هِلالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ.

قَوْلُهُ: سَلَم أي أَسِير وإنّما قِيلَ للأَسِير سَلَمٌ لأنّه قدْ أسلم وخذل. قال الفرزذق:

وقُوفًا بها صَحْبي عليَّ كَأنَّني ... بها سَلَمٌ في كفّ صَاحبِه ثَأرُ ٢

ومِثْلهُ: قَوْمٌ سَلمٌ الواحِدُ والجَمِيع سواءٌ قَالَ الشاعرُ:

فاتَّقَيْن مَرْوانُ في القَوْمِ السَّلَمْ

وهذا كما قِيلَ: رَجُلٌ خَصْمٌ وقَوْمٌ خَصْمٌ ورَجُلٌ عَدُوٌّ وقَوْمٌ عَدُوٌّ قَالَ الله تَعَالَى: {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} ٣. ويُقال: إنَّما سُمِّي اللَّدِيغُ سَليمًا لأنّه مُسْتَسْلِم لِمَا بِهِ.

أخبرني أَبُو عُمَرَ أنا أَبُو الْعَبَّاسِ ثعلب عن ابن الأعرابي قَالَ سَأَلْتُ أَبَا المُكارِم عَنِ السَّلِيم فَقَالَ سُمِّي سِليمًا لأنّه مُسْتَسْلِمٌ لِما بِهِ. قَالَ وسُمِّيَتْ مَفازة لأن من قطعها فازَ بالحياة.

وقال بعضُهم: إنّما سُمِّيت مفَازةً من قولهم فوْزَ الرجلُ إذَا مات يريد أنّها مَهلكةٌ وأَنشدَ قولَ الكُميتِ:

وما ضرَّني أنَّ كَعْبًا ثَوى ... وفوّزَ مِنْ بَعْده جَرْوَلُ ٤


١ أخرجه ابن أبي شيبة في ٥/ ٣١٩.
٢ الديوان ١/ ٢٥٣.
٣ سورة الكهف: ٥٠.
٤ الديوان ٢/ ٢٦ برواية: "وماضرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>