للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال رأيت الهلال قبلا أي أول ما يرى.

وقد روي من علامات الساعة أن يرى الهلال قبلا ١ وهذا كما جاء من أشراط الساعة أن نرى الهلال لليلته فيقال هذا ابن ليلتين ٢ وكما جاء من أشراطها انتفاخ الأهلة ٣ وكلها متقاربة ومعنى الحديث على الوجه الأول وهو إذا رويته قبلا بكسر القاف إن اللَّه جل وعز خلقه بيده تخصيصا له بالكرامة من غير أن يولي أمره أحدا من ملائكته فيكون أسوة ولده كما قَالَ في قصة عيسى {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} ٤. وكما روي أن اللَّه إذا أراد خلق ابن آدم بعث ملكا فيكتب خلقه ورزقه وعمره ثم يقول يا رب أشقي أم سعيد ٥ يقول فلم يكن خلق آدم على هذا المعنى لكن تناولته الخلقة قبلا من غير تقديم سبب أو توسيط ملك أو غيره تخصيصا بالكرامة وتفضيلا له على ولده وعلى نحو من هذا يتأول قوله: "خلق اللَّه آدم على صورته" ٦ يريد والله أعلم أَنَّهُ خلقه بشرا سويا على صورته تلك لم تشتمل عليه الأرحام ولم تتناقله الأحوال من صغر إلى كبر ومن نقص إلى تمام


١ النهاية "قبل" "٤/ ٨".
٢ ذكره الهيثمي في مجنعه "٧/ ٣٢٥" عن أنس بن مالك وعزاه للطراني في الصغير والأوسط وفي "٣/ ١٤٦" عن أبي هريرة وعزاه للطبراني في الصغير.
٣ ذكره الهيثمي في مجمغه "٣/ ١٤٦" عن أبي هيريرة للطبراتي وعزاه للطبراني في الصغير.
٤ سورة مريم: "١٧".
٥ أخرجه البخاري في مواضع منها في بدء الخلق "٤/ ١٣٥" والقدر "٨/ ١٥٣" ومسلم في القدر "٤/ ٢٠٣٦" وغيرهما.
٦ أخرجه مسلم في البر "٤/ ٢٠١٧" وفي الجنة "٤/ ٢١٨٣" وأحمد في مسنده "٢/ ٢٤٤, ٢٥١, ٣١٥" وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>