للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يقول كفرا وكفر بالله وإنما قَالَ: فقد كفر بالإسلام إشارة إلى هذا المعني والله أعلم.

وقد يحتمل أن يكون المعنى في تكفيره إياه أن كان أراد بالكفر خروجه من الملة أَنَّهُ مكذب بالقرآن فقد أخبر اللَّه في كتابة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ١ وَقَالَ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ٢ فمن جعل بعضهم أعداء بعض فقد كذب بالقرآن والمكذب به كافر.

فَأَمَّا حَدِيثُهُ الآخَرُ أَنَّهُ قَالَ: "قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ" ٣ فَمَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ لَهُ وَالتَّغْلِيظُ فِيهِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَالْكُفْرِ فَلا تُقَاتِلُهُ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: الْفَقْرُ الْمَوْتُ أَيْ كالموت ونظير هذا قوله: "كُفْرٌ بِاللَّهِ انْتِفَاءٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ وَادِّعَاءُ نَسَبٍ لا يُعْرَفُ" ٤. أَيْ كَالْكُفْرِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ مَنِ ادَّعَى نَسَبًا لا يُعْرَفُ كَانَ كَافِرًا وَمِثْلُهُ فِي الْكَلامِ كَثِيرٌ.

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ أَنَّهُ قَالَ: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" ٥ فَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ لا يُكَفِّرُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَتَسْتَحِلُّوا بِهِ أَنْ تُقَاتِلُوا وَيَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ أَرَادَ بهذا الكلام أهل الردة.


١ سورة الحجرات: "١٠".
٢ سورة التوبة: "٧١".
٣ أخرجه البخاري في مواضع منها الفتن "٩/ ٦٣ ط ومسلم في الإيمان "١/ ٨١" والترمذي في البر والصلة "٤/ ٣٥٣" وابن ماجة في المقدمة "١/ ٢٧" وغيرهم.
٤ أخرجه الدارمي في الفرائض "٢/ ٣٤٤" عن أبي بكر الصديق وابن مسعود وأحمد في مسنده "٢/ ٢١٥" وعن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عن جده.
٥ أخرجه اليخاري في موايضع منها الفتن "٩/ ٦٣" ومسلم في الإيمان "١/ ٨٢" والترمذي في الفتن "٤/ ٤٨٦" وأبو داود في السنة "٤/ ٢٢١" وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>