للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد الضخم من الإبل ولم يزل من عادة العرب أن يتخذوا لأسفارهم المراكب والمشاجر والهوادج ويركب فيها الشيوخ والنساء والضعفة فأما الملابن فإنما كان يتخذها أهل الترفه والنعمة ومن مال إلى الدعة فيهم وكل هذه المراكب على اختلافها في القدر والسعة محامل وإن كانت قد تختلف في الأسماء لما لها من اختلاف الصنعة والتركيب والهيئة وإذا كانت هذه الأمور موجودة في الزمان الأول وكان معلوما أنهم إنما كانوا يتخذونها طلبا لراحة الدعة وهربا من تعب المشقة وكان الأمر في الرحل بخلافها لقلة ارتفاق المسافر به وعدم الدِّعة في ركوبه وكانت الإشارة من عبد الله للحاج ١ إليه إنَّمَا هو لأن يقل حظه من الدعة ٢ والراحة وليمسه طرف من المشقة فيكون أفضل لحجه وأكثر لأجره فقد عقل أن الَّذِي أحدثه الناس بعد من المحامل والكنائس والعماريات داخل تحت هذا المعنى الَّذِي أشار عبد الله إليه ولاحق بحكمه فعلى هذا المعنى تأول أَبُو عبيد الحديث وأضاف إلى عبد الله كراهية المحمل وإن كان هذا النوع من المحامل غير موجود في زمانه.

وَنَظِيرُ هَذَا فِي الحَدِيثُ أن رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه قَدْ نَهَى عَنْ إِسْبَالِ الإِزَارِ لأنه من المخيلة قال: "لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلاءَ", وَقَالَ: "فَضْلُ الإِزَارِ فِي النَّارِ" ٣ وَكَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي عَهْدِه إِنَّمَا يَلْبِسُونَ الأَرديَةَ وَالأُزِرِ فلما لبس الناس المقطعات وصار عامة لباسهم القمص واتخذوا الدراريع ٤ وأذالوها واستعملوا محدث اللباس كان حكمها حكم الإزار في كراهة السدل والتذييل فكان للمستدل أن يستبدل فيها بخبر الإزار وأن


١ س, ط: "للحجاج".
٢ من ط.
٣ أخرجه البخاري في اللباس "٧:١٨٢ – ١٨٣" عن ابن عمر وأبي هريرة ومسلم في اللباس "٣/ ١٦٥١ – ١٦٥٣" وأبو داود في اللباس "٤/ ٥٦" وغيرهم.
٤ ح: "الدرائع" وفي القاموس "درع" الدراعة: ثوب من صوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>