للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتهامسوا سرا فقالوا: عرسوا ... من غير تمئنة لغير معرس ١

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ هذا غلط فاحش والعجب من ابن قتيبة يترك مثل هذا من غلط أبي عبيد لا يعرض له ثم يعنق في خلافه والاعتراض عليه فيما لا طائل له ونسأل اللَّه التوفيق. وموضع الغلط فيه أَنَّهُ جعل عروض تمئنة عروض معلم ومظنة وجعل مبني مئنة من المأن على أن تكون الميم فيها أصلية وليس هو كذلك وإنما هو تمئنة تفعله من المأن على وزن الشأن. وهو من الثلاثي المعتل الحشو ومعناه التهيئة تقول العرب: ما مأنت مأنه ولا شأنت شأنه أي ما علمت علمه ولا تهيأت له. ومئنة مفعلة من الأن على وزن العن من باب المضعف فأين يلتقيان.

فأما اشتقاقها فإنه لم يبلغني فيه عَنْ أحد من علماء اللغة شيء أعتمده إلا أن بعض أهل النظر زعم أنها مبنية من أنية الشيء بمعنى الإثبات له وتحريره ٢ أن يُقَالُ: أَنَّهُ كذا.

أَخْبَرَنِي من يوثق بعلمه من أهل اللغة أَنَّهُ وجد هذا الحرف لأبي الْحَسَن اللحياني في باب الحروف التي تعاقب فيه الظاء والهمزة قَالَ يُقَالُ: بيت حسن الأهرة والظهرة وهي متاع البيت وقد أفر وظفر إذا وثب ويقال: هو مئنة أن يفعل ذاك ومظنة أن يفعل ذاك كقولك مخلقة ومجدرة فكأن الهمزة عنده مبدلة من الظاء.

ونظير هذا لأبي عبيد حرف آخر ذكره فِي حَدِيثِ عمران بن حصين وهو قوله: "إن في المعاريض مندوحة عَنِ الكذب"٣.


١ اللسان "أنن, مأن, همس" وفي كتاب شعراء أمويين "٤٥٩" وانظر اللسان مادة "مأن".
٢ س: "وتحزيره".
٣ أخرجه أبو عبيد في غريبه "٤/ ٢٨٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>