للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثر هجر البيت حتى كأنني مللت وما بي من ملال ومن هجر وَيَدُّلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا قَوْلُهُ: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} ١ ومنه قول عبد الله بْنُ مَسْعُودٍ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لا يَأْتِي الصَّلاةَ إِلا دُبْرًا وَلا يَذْكُرُ اللَّهَ إِلا مُهَاجِرًا ٢ يُرِيدُ هُجْرَانَ الْقَلْبِ وَتَرْكَ الإِخْلاصِ فِي الذِّكْرِ وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ به المنافقين فقال {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} ٣.

وقد يكون الهجر أيضا بمعنى الهذيان والتخليط في الكلام بمنزله كلام المبرسم ٤ وحديث من لا يعقل ما يقول يُقَالُ هجر المريض يهجر هجرا ومنه قوله تعالى: {سَامِراً تَهْجُرُونَ} ٥ فأما الهجر بضم الهاء فهو الفحش يُقَالُ منه أهجر إهجارا بالألف

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وأري ابن قتيبة ٦ إنما أتي في هذا التأويل من جهة اختلاف ٧ اللفظ وذلك أَنَّهُ رواه في كتابه ولا يسمعون القول مكان قوله: ولا يسمعون القرآن فتوهم أَنَّهُ أراد به قول الناس وحديثهم. وإنما الصحيح من الرواية ما كتبناه هاهنا على أَنَّهُ لا فرق بينهما في المعنى وذلك لأنه إنما أراد بالقول القرآن كقوله: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} ٨ يريد القرآن والله أعلم.


١ سورة الفرقان:"٣٠".
٢ تقدم تحريحه في أحاديث ابن مسعود.
٣ سورة النساء: "١٤٢".
٤ القاموس "برسم" اليرسام: علة يهذى فيها, برسم بالضم فهو مبرسم.
٥ سورة المؤمنون: "٦٧".
٦ د, ح: "وأرى القتبي".
٧ د: "اخبلاط".
٨ سورة الزمر: "١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>