للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال غيره: السرب من الإبلآ, السارب: أي الذاهب في المرعى حيث شاء كالسرح إنما هو السارح منها.

يُقَالُ: سرب الرجل في حاجته يسرب فيها سروبا: أي خرج. ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} ١.

وأما قوله: الدُّنْيَا سجن المؤمن وجنة الكافر فإن هذا قد روي مرفوعا ٢.

وَقَالَ بعض الناس سائلا أو معترضا: كيف يكون هذا؟ وقد نرى مؤمنا في عيش رغد وكافرا في ضنك وتصريد ٣.

والجواب في هذا من وجهين: أحدهما أن الدُّنْيَا كالجنة للكافر في جنب ما أعد اللَّه له من العقوبة في الآخرة وأنها كالسجن للمؤمن بالإضافة إلى ما وعده اللَّه من ثواب الآخرة ونعيمها فالكافر يحب المقام فيها ويكره مفارقتها. والمؤمن يتشوف للخروج منها ويطلب الخلاص من آفاتها بمنزلة المسجون الَّذِي همه أبدا أن يفك عنه ويخلى سبيله.

والوجه الآخر: أن يكون هذا صفة المؤمن المستكمل الإيمان الَّذِي قد عزف نفسه عن ملاذ الدُّنْيَا وشهواتها فصارت عليه بمنزله السجن في الضيق والشدة.


١ سورة الرعد: "١٠".
٢ أخرجه مسلم في الزهد "٤/ ٢٢٧٢" والترمذي في الزهد "٤/ ٥٦٢" وابن ماجة في الزهد أيضا "٢/ ١٣٧٨" والإمام أحمد في مسنده "٢/ ٣٢٣, ٣٨٩".
٣ د: "في ضنك ونصب وتصريد" وفي ط: "في ضنك ونصب" والتصريد: القلة "عن الوسيط".

<<  <  ج: ص:  >  >>