للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر:

أُمَاطِلُه العَصْرَيْن كيما يَملَّني ... ويرضى بِنصف الدَّينِ والأَنفُ راغم ١

وقد ذهب بعضُ أهلِ اللغة في العَصْرَيْن إلى مجاز تَغْليبِ أحدِ الاسمين عَلَى الآخر كقولهم الأسودان للتَّمرْ والماء وسِيرَةُ العُمَريْن يريدون أبا بكر وعُمَر وهو عند أصحاب المعاني عَلَى حقيقة الاسم والوضع في كل واحد منهما كالبَرْدَين والجَديدَيْن وما أشْبَهَهُما من مُثَنَّى الأَسماء

ويقال والله أعلم إن صلاة العَشِيّ ٢ إنما سُمِّي عصرًا لأن مَدَى وَقْتِها يُقارِب غُروبَ الشمس من قولهم أعصَرت الجاريةُ إذا قاربت الإدراكَ وجارية مُعْصِرٌ قَالَ الشاعر:

جارية بسَفْوان دَارُها ... قد أَعْصَرَتْ أو قد دنا إعصارها ٣

وكذلك هذا المعنى في تسمية صلاة الفجر عَصْرًا وذلك أن الوقت الَّذِي تُصَلَّى فيه قد يمتد إلى طلوع الشمس أو يُقارِبه وقد روي عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} ٤ أنه قَالَ: "أَلا وهي العَصْرُ" ٥ وذهب عبد الله بن عمر وابن عباس وعطاء وطاووس في تأويلها إلى أنها صلاة الفجر وتابعهم عَلَى ذَلِكَ من فقهاء الأمصار الشّافعيُّ ولا أراهم توهموه إلا معنى الخبر وهو قوله: "أَلا وهي العَصْرُ" عَلَى أن ضَربًا من الاستنباط قد يشهد لمذهبهم وذلك أَنَّ صَلاةَ الفجر واسِطَةٌ


١ م, ح:" ... حتى يملي". والبيت في اللسان والتاج "عصر" دون عزو.
٢ ح:"العشاء".
٣ اللسان "عصر". وعزي لمنصور بن مرثد الأسدي. وفي التاج: يقال لمنظور بن حبة, كما في التكملة.
٤ سورة اليقرة: ٢٣٨.
٥ أخرجه مسلم ١/ ٤٣٧. والنسائي ٢/ ٢٣٦, ومالك ١/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>