للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: ويحك، إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم, فقال: أما طَفْءُ ١ النيران؛ فإنه أخصب الناس, فكثر "٢٦٦" / السمن والزبد واللبن, فلم يحتج إلى نار يختبز بها, وأما تشكي النساء؛ فإن المرأة تربق بهمها وتمخض لبنها, فتبيت ولها أنين, وأما تنافس المعزى؛ فإنها ترى من ورق الشجر وزهر النبات ما يشبع بطونها, ولا يشبع عيونها فتبيت ولها كظة من الشبع وتشتر, فتستنزل الدرة.

ثم دخل رجل من الموالي من أشد الناس في ذلك الزمان فقال له: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم, أصلح الله الأمير، غير أني لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء، إلا أنه أصابتني سحابة فلم أزل في ماء وطين حتى دخلت على الأمير, قال: فضحك الحجاج, ثم قال: والله لئن كنت من أقصرهم خطبة في المطر، إنك لمن أطولهم خطوة بالسيف"٢.

قوله: "كيف كان المطر وتبشيره؟ " يريد أول أمره وبدء وقوعه، واحد التباشير، وهي أوائل الأمور وما يتقدمها من أماراتها، ومنه تباشير الصبح، وقلما يفرد منه اسم، إنما يتكلم به في الغالب على لفظ الجمع.

والسَّحُّ: شدة انصباب المطر, يقال: سَحَّ المطر يسح سَحًّا، والنَّادِحُ: من النَّدْحِ وهو السعة, ومنه قولهم: إنه لفي مندوحة من الأمر, أي في سعة منه.

والدِّمَاث: السهول من الأرض, يقال: مكان دَمِثٌ: أي سهل لين، يريد أن المطر قد لبدها فتعقَّدت ٣.


١ ط: "أما طف النيران".
٢ العقد الفريد: ٣٤/ ٥ - ٣٥، وتهذيب تاريخ ابن عساكر: ١٥٦/ ٧.
٣ آخر الجزء الثاني من نسخة ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>