للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا حَدِيثُهُ الآخَرُ: "أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِصِيَامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ"١

حَدَّثَنَاهُ جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ الْخُلْدِيُّ نا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ثنا هَمَّامٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِصِيَامِ اللَّيَالِي الْبِيضِ" فإنه يُتَأَول أيضًا عَلَى تقْديم النِّيَّة له من الليل إذ كان الليلُ غيرَ مَحَلٍّ للصَّوم وفيه وجه آخر وهو أن تُذكَرَ اللَّيالي ويُرادَ بها الأَيَّام كقولهم خرجنا لَياليَ الفِتْنَة وخِفنا ليالي إمارَةِ فلان

وقال أبو عمرو بن العلاء: هَرَبنا لَيالِيَ إمارَةِ الحَجَّاج وإنما يُراد في هذا كله الأَيّام بلياليها وعلى هذا يُتَأَوَّلُ قَولُه تَعالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ٢ يُرِيد والله أعلم الأيّامَ بلياليها. وكان المُبرَّد يقُول إنما أَنّث العَشْرَ لأَنَّ المرادَ به المُدَّةَ وذهب بعضُ الفقهاء إلى أنه إذا انقَضَى لها أربعة أشهر وعَشْرُ ليالٍ حَلَّت للأَزْواج وذلك لأَنَّه رأَى العَددَ مُبْهَمًا فغَلَّبَ مَعنَى التّأنيث وتأوّلها عَلَى اللّيالي وإليه ذهب الأوزاعِيُّ من الفقهاء وأبو بكر الأَصَمّ من أهل الكلام.

أخبرني به الحسنُ بنُ يَحْيى عن ابن المُنذِر ويقال إنهم إنما اعْتَبروا إنشاءَ التَّاريخ من اللَّيالي لأَنَّ الأَهِلَّةَ تَسْتَهِلُّ فيها ٣.


١ أخرجه النسائي ٤/ ٢٢٤, ٢٢٥, وأبو داود ٢/ ٣٢٨, وأحمد ٥/ ٢٧.
٢ سورة البقرة: ٢٣٤
٣ هامش م: "تستهل بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>