للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشرتها وقد رُوي هذا في حَدِيثٌ آخَرُ يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ الْحُدَيْبِيَةَ أَهْدَى لَهُ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ وَبُسْرُ بْنُ سُفْيَانَ الْخُزَاعِيَّانِ غَنَمًا وَجَزُورًا مَعَ غُلامٍ مِنْهُمْ فَأَجْلَسَهُ رسول الله وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ لَهُ فَلْتَةٍ فَقَالَ: "يَا غُلامُ كَيْفَ تَرَكْتَ الْبِلادَ"؟ فَقَالَ تَرَكْتُهَا قَدْ تَيَسَّرَتْ وَقَدْ أَمْشَرَ عِضَاهُهَا وَأَعْذَقَ إِذْخَرُهَا وَأَسْلَمَ ثُمَامُهَا وَأَبْقَلَ حَمْضُهَا فَشَبِعَتْ شَاتُهَا إِلَى اللَّيْلِ وَشَبِعَ بَعِيرُهَا إِلَى اللَّيْلِ مِمَّا جَمَعَ مِنْ خَوْصٍ وَضَمْدٍ وَبَقْلٍ ١

قَالَ الخَطّابيّ: البُرْدَةُ الفَلْتَةُ هِيَ الضَّيَّقَةُ الَّتِي لا ينضم طرفاها لِصِغَرِهَا تُفْلِتُ مِنَ الْيَدِ يُقَالُ بُرْدَةٌ فَلْتَةٌ وَفَلُوتٌ

وَقَوْلُهُ: تَيَسَّرتْ مَعْنَاهُ أَخْصَبَتْ وَأَصْلُهُ مِنَ الْيُسْرِ وَقَدْ تَيَسَّرَ الرَّجُلُ إِذَا حَسُنَتْ حَالُهُ وَيَسَّرَ غَنَمُهُ إِذَا كَثُرتْ ألبابها قَالَ الشَّاعِرُ:

هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمَانِ وَإِنَّمَا ... يَسُودَانِنَا أَنْ يَسَّرَتْ غَنمَاهُما ٢

والحَمْض مِنَ النّباتِ مَا فِيهِ مُلُوحَةٌ وَيُقَالُ أَبْقَلَ الْمَكَانُ فَهُوَ بَاقِلٌ وَلَمْ يَقُولُوا مُبْقِلٌ وَمِثْلُهُ أَوْرَسَ الشَّجَرُ فَهُوَ وَارِسٌ الضَّمْدُ رطب الشجر ويابسه قال يعقوب يقال شبعت الإبل من ضمد الأرض وهو رطب النبت وَيَابِسُهُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ وَيُقَالُ قَد أُضْمِدَ الْعَرْفَجُ إِذَا تَجَوَّفَتْهُ الْخُوصَةُ وَلَمْ تَنْدُرْ مِنْهُ أَيْ كَانَتْ فِي جَوْفِهِ وَالسَّلَمُ شَجَرٌ مِنَ الْعِضَاهِ يُدْبَغُ بِوَرَقِهِ الأَدِيمُ يُقَالُ أَدِيمٌ مَسْلُومٌ إِذَا دُبِغَ بِالسَّلَمِ.


١ أخرجه الواقدي في مغازيه ٢/ ٥٩١, ٥٩٢ بلفظ "في بردة له بلية" وبلفظ "أسلب ثمامها".
٢ اللسان والتاج "يسر" وعزي لأبي أسيد الدبيري.
وقبله:
إن لنا شيخين لا ينفعاننا ... غنيين لا يجدي علينا غناهما

<<  <  ج: ص:  >  >>