للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قتيبة والأجذم ها هنا المجذُومُ يقال: رجل أَجذمُ وقوم جَذْمى مثل أحْمَق وحَمْقَى وأَنْوك ونَوْكى وإنما سُمِّيَ مَنْ به هذا الدَّاء أَجذم لأنّه يَقْطَع أصابع يديه وينقُص خَلْقَه وكل شيء قطعته فقد جذمته لأنه يقطع أصابه يديه وينقُص خَلْقَه وكل شيءٍ قطعتَه فقد جَذَمْتَه وهذا أشبه بالعقوبة لأنَّ القرآن كان يدفع عن جسمه كُلِّه العاهةَ ويحفَظ له صحته فلما نسيه فارقه ذَلِكَ فنالَتْه الآفةُ في جميعه ولا داء أَشملَ للبدن من الجُذام ولا أَفسد للخِلْقَة.

قَالَ أبو سليمان: أمّا التَّفسير فعلى ما ذكره أبو عبَيْد لم يُؤْتَ فيه من قِبَل البيت إلا أنه أغفل بيان المعنى واقتصر عَلَى اللفظ وسنذكر المعنى فيه إذا أتينا عَلَى الاحْتِجاج لقوله: وانفصلنا له من ابن قتيبة إن شَاءَ الله وقد سُبق أبو عُبَيد إلى هذا التفسير ورُوي معناه عن سويد بن جبلة الفزاريّ أخبرنا محمد بن المكي ثنا الصائغ نا سعيد بن منصور نا فرج بن فُضالةَ عن لقمان بن عامر عن سُوَيد بن جبلة قَالَ: سمعته يقول: ما أُبالي تَعَلّمتُ سورةَ من القرآن ثُمَّ تركتها أو مَشيتُ في الناس مقطوعةً يدي فمعلوم أن سُوَيدًا إنّما تلقّاه من الخبر وأَن الأَجذمَ عنده المقطوعُ اليدِ دُونَ الَّذِي أصابه الجذام وكذلك تفسير الأَجْذَم إنما هُوَ الأقطع في عامّة ما ورد من الأخبار مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ أَجْذَمُ" ١. أي أَقْطَعُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ: "كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شهادة كاليد الجذماء" ٢.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَالِكٍ نا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عبد الرحمن بن


١ أخرجه ابن ماجه ١/ ٦١٠ بلفظ: "أقطع".
٢ أخرجه أبو داود في الأدب ٤/ ٢٦١ بلفظ: "تشهد" وكذلك الترمذي ٣/ ٤٠٥. وأما أحمد في ٢/ ٣٠٢ و ٣٤٣ فخرجه بلفظ: "شهادة".

<<  <  ج: ص:  >  >>