وكان الواجب عَلَى هذا القياس أن تناله العقوبةُ في عينه ١ إلا أنَّا لم نُكَلَّف القياس في أمر الآخرة وإنما ننتهي من علمه إلى ما نطق به القرآن ووردت به الأخبار الصحيحة ولو كان القياس الَّذِي اعتبره في مشاكلة العقوبات الذنوب معنى صحيحًا لكانت أحكام الدُّنيا بها أَولى إذ كُنا متعبدين بالقياس فيها وقد وجدنا كثيرًا من الحدود والعقوبات الواجبة فيها معدولًا بها عن مواقعة الأَعْضاء التي باشرت تلك الذّنوب المُوجبة لتلك العقوبات ألا تَرَى أنّ القاذفَ يقذِفُ بِلسانه فيُجلدُ ظهرهُ والزَّانِي يزني بفرْجه فيفرَّق الحدُّ عَلَى أعضائه ويُجْتَنَب الفرجُ خاصة مَعَ سائر المَقَاتِل والله أعلم بالمصالح وله أن يتَعَبَّدنا بما شَاءَ من حُكمه وكل ذَلِكَ حكمةٌ وصَوابٌ وإن زَلّت عنه أفهامنا لم تُدركْه عقولنا مَعَ أن قَولَ ابن قتبية إذ يقول ولا سبب لليد في نسيان القُرآن ينقض كلامه في الفصل الآخر حين يقول لأَنَّ اليد لم تخرج عن رعاية القرآن ولم تخلُ من حفطه والعجَبُ منه حين لم يَقْنَع من عقوبته بقطع اليد وإبانة الكَفّ ثُمَّ رَضِيَ بقَطْع الأصابع والنَّقص العارض لبعض الأعضاء ومعلوم أن الجُذامَ داء يعالَجُ فيَزُول وأن العُضْوَ المقطوع تالِفٌ لا يعود.
قَالَ أبو سليمان: ومعنى الخبر ما ذهب إليه ابن الأعرابي: محمد بن زياد.
قَالَ ابن الأعرابي: هذا مَثَلٌ والمعنى أنّ مَنْ نَسِيَ القرآن لَقِيَ الله خالِيَ اليَدِ من الخَيْرِ صَفِرها من الثواب كَنَى باليد عَمَّا تَحويه اليَدُ وتشتمل عليه من الخير كقولهم إذا وصَفُوا الرجلَ بانقطاع القُدرَة فُلانٌ لا يَدَ له وإنه لقَصير اليَدِ إذا كان بخيلًا كما قَالُوا جَعدُ البَنَان وكَزُّ البنانِ وفلان طويل اليد