للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا دِيوَانًا حَتَّى مَاتَ ١.

قَالَ أبو سليمان: فلو كَانَت اليَدُ العُلْيا المُعْطِية لكان حَكِيمٌ قد تَوهَّم أَنَّ يدًا خير من يدِ رَسُول الله لقوله: ومِنْك يا رَسُولَ الله يُرِيد أن التَّعَفَّفَ من مَسْأَلَتِك كَهُو عَنْ مَسْألة غيرك فَقَالَ: "نَعَم" فكان بعد ذَلِكَ لا يَقْبَل العَطاءَ. وكان عُمَر يَقُولُ اللهم اشهد أني عرضت عَلَيْهِ عَطاءَه فأبَى ولم يقبَلْه.

وأنشدني أبو عُمَر قَالَ أَنشدَنا أبو العباس ثَعْلب عن ابن الأَعرابيّ:

إذَا كَانَ بَابُ الذُلِّ من جانِب الغِنَى ... سمَوْتُ إلى العَلْياءِ من جَانِب الفَقْر ٢

صَبَرْتُ وكان الصَّبْرُ مِنّي سَجيّةً ... وحَسْبُكَ أَنَّ الله أثنَى عَلَى الصَّبْرِ

يُريدُ التعفّف عَنِ المسألة. يُقال: عَلِي يَعْلَى عَلاءً في المَكَارم وعَلا يَعْلُو عُلُوًّا في الجَبَل ونَحوِه. قَالَ الشّاعر:

وبَاعَ بنيْهِ بَعضُهم بخُشَارَةٍ ... وبِعْتَ لذُبيَان العَلاءَ بمالكَا ٣

ورُوِي فيه وَجْهٌ ثالث عَنِ الحَسَن قَالَ: اليَدُ العُليَا المعطية واليد السفلى المانعة.


١ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه في ١١/ ١٠٢.
٢ هامش م: "العلياء: العفة".
٣ الأساس واللسان "خشر" بهذه الرواية وعزي للحطيئة يقول: اشتريت لقومك الشرف بأموالك. قال ابن بري: بكسر الكاف وهو اسم ابن لعيينة بن حصن قتله بنو عامر فغزاهم عيينة فأدرك بثأره وغنم فقال الحطيئة:
فدى لابن حصن ما أريح فإنه ... ثمال اليتامى عصمة للمهالك
وبَاعَ بنيْهِ بَعضُهم بخُشَارَةٍ ... وبِعْتَ لذبيان العلاء بن مالك
والبيتان في شرح الديوان /٣٠ ضمن ستة أبيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>