للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ نا الدَّقِيقِيُّ نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

أَصلُ الفِسْق الخُروجُ من الشيء. ومنه قوله تَعَالَى: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ١: أي خَرَج. وسُمِّي الرجلُ فاسقًا لانسلاخه من الخير. قَالَ ابن قُتيبة ٢: لا أُرَى الغُرابَ سمَّاه فاسِقًا إلا لتخلّفه عَنْ أمرِ نوح حين أرسله ووقوعِه عَلَى الجِيفة وعِصيانِه إيّاه ٣. وحُكِي عَنِ الفَرّاء أَنَّهُ قَالَ لا أحْسَب الفَأْرة سُمِّيت فُويْسِقَةً إلا لخُروجِها من جُحرها عَلَى الناس.

قَالَ أبو سليمان وليس يُعجبني واحدٌ من القَوليْن وقد بَقِي عليهما أن يقولا مثْلَ ذَلِكَ في الحِدَأة والكلب إذْ كَانَ هذا النّعْت يجمعُهما وكان هذا اللّقَبُ يلزمُهُما لزُومَه ٤ الغُرابَ والفأرةَ وإنما أراد والله أعلم بالفِسْق الخُروجَ من الحُرْمة يَقُولُ: خَمس لا حُرمَةَ لهُنَّ ولا بُقيَا عَليْهنَّ ولا فِدْيَةَ عَلَى المُحْرِم فيهنّ إذَا أصابَهُنَّ وإنما أباح قتْلَهُنَّ دَفْعًا لعادِيَتِهِنَّ لأَنَّهنَّ كُلّهن من بين عَادٍ قتّالٍ أو مُؤذٍ ضَرَّار.

وفيه وجه آخر وهو أن يكون أراد بتَفْسِيقِها تحريمَ أكلِها كقوله تَعَالَى: وقد ذَكَر ما حَرَّم من المَيْتَةِ والدَّمِ ولَحْمِ الخِنْزِير إلى آخر الآية. ثم قال: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} ٥ ويدُلُّ عَلَى صحّة ما ذكرناه حديث عائشة.


١ سورة الكهف: ٥٠.
٢ كتابة ١/ ٣٢٨.
٣ انظر القصة في غريب الحديث لابن قتيبة ١/ ٣٢٧.
٤ ح: "لزوم".
٥ سورة المائدة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>