للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكَرْمُ مُشْتقَّةُ المَعْنَى منَ الكَرَمِ ١

وقال آخرُ يَمْدَحُ رَجُلًا بمعاقَرَةِ الخَمْر ويَزْعمُ أنّها كَرَمٌ:

حُمَيْدُ الَّذِي أَمَجٌ دارُهُ ... أخُو الخَمْرِ ذُو الشَّيْبَةِ الأَصْلعُ

أتاهُ المَشِيبُ عَلَى شُربِها ... فكان كِريمًا فلم يَنْزع ٢

وقال حسّان بْن ثابت:

لا تنْفِري يا ناقُ منه فإنَّه ... شَرّابُ خَمْرٍ مِسْعَرٌ لِحُرُوبِ ٣

ومثل هذا في الشِّعْر كثير.

فرأى عَلَيْهِ السَّلام أنّ في تَسْلِيم هذا الاسْم لَهُم تَقْرِيرَ المعْنَى الَّذِي تأوَّلُوه من الكَرمِ فيها وأَشْفقَ أن يكون حُسْنُ اسمِها يَدعُوهم إلى شُرْبِها ويُحَسِّنُ لهم تَناولَ المُحرَّم منها وفي النفُوس من الشَّغَف بها والمَيْل إليها ما لا حاجَةَ مَعَ ذَلِكَ إلى أن تُهزَّ وَتُحرَّكَ بالثناء عليها فلذلك رأى أن يَسْلُبَه هذا الاسْمَ وأَن يُسْقِطَه عَنْ رُتْبَة الكَرَم وجعَله اسْمًا لِلمُسلم الَّذِي يتَّقي شُرْبَها ويَرى الكَرَم في تَرْكِها وكُلُّ ذلك تأكيد لحرمة الخمر وتأبيد لها والله أعلم.

ونحو هذا حديث ابن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أنْ يُقال السَّلَم بمعْنى السلف,


١ كذا في اللسان "كرم" ت, م. وفي س, ط, ح: "الكرم مشتقة من الكرم".
٢ اللسان والتاج "أمج" والكامل ١/ ٢٥٢ ومعجم البلدان وعزي لحميد الأمجي وفي معجم ما استعجم ١/ ١٩١ برواية: "وكان كريما فما ينزع" وبهذه الرواية لايكون في البيت إقواء.
٣ الديوان /٣٦٤ والأغاني ١٤/ ١٢٥ والكامل ٤/ ٨٩ ضمن خمسة أبيات في رثاء ربثعة بن مكدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>