للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحر جواد وبها وشجاعة. وأراد بقوله: (والثاني) ذكر المتعدد على سبيل الإجمال (نحو وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) (١) فقد ذكر اليهود والنصارى إجمالا لا يضمر الجمع أو قولهما إجمالا بإسناد القول إليهما إجمالا، وعلى الثاني كلام الإيضاح، ثم ذكر ما لكل من الفريقين أو القولين ولما كان المتعدد المجمل منهما، سواء كان القولين أو الفريقين شرح هذا المثال بخلاف باقي الأمثلة؛ فقال (أي: قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، فكف) (٢) أي: بين القولين أو الفريقين (لعدم الالتباس) وعدم مظنة إرادة حكمها جملة بأن الداخل في الجنة أحد الفريقين لا غير، كما هو ظاهر النظم.

(للعلم بتضليل كل فريق صاحبه) أي: نسبة كل فريق صاحبه إلى الضلال بالمعنى المقابل للاهتداء أو بمعنى الهلاك.

قال الشارح في شرحه على المفتاح: وقد جرى الاستعمال في اللف الإجمالي على أن يذكر النشر بكلمة أو كما في الآية؛ لأن الذي وقع عليه الاتفاق هو أحد القولين، وإنما الموكول إلى فهم السامع هو التعيين، وتوضيح ما ذكره أن في اللف الإجمالي تشريك الجماعة المذكورة، كما في المذكور المفصل، وليس تشريكهم بكون كل من تلك المفصل لكل، وإلا لم يكن لفا ونشرا، بل تشريكهم في أن لكل واحد من هذا المفصل، والمتكفل لهذا المعنى كلمة أو.

اعلم أنه أثبت صاحب الكشاف نوعا من اللف. وقد وصفه بأنه لطيف المسلك لا يهتدي لوجهه إلا الثقاة من علماء البيان، في قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣) حيث قال الفعل المعلل محذوف مدلول عليه بما سبق تقديره، ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون.


(١) البقرة: ١١١.
(٢) أي بقوله: «وقالوا» والأصل وقالت اليهود وقالت النصارى، وأما النشر فبقوله: «إلا من كان هودا أو نصارى».
(٣) البقرة: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>