للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون في رد بعض ما لكل إليه دقة كما في تعليل الأمر بمراعاة العدة بإكمال العدة، فإن فيه إشارة إلى أن تلافي المطلوب بقدر الإمكان واجب إلى آخر ما سمعته، ويكون المتعدد كل منه أو بعض منه صالحا للرد إلى غير ما ذكر له بحسب الظاهر.

لكن بالتأمل الصادق ينكشف أنه لم يرد إليه.

هذا تنقيح ما ذكره.

قلت: ما ذكره كلام محقق لا غبار عليه، ولا يتوقف لطف النشر على جميع ما ذكر، بل كل منها يوجب لطفه، فقد بلغ لطف الآية الغاية، ومن موجبات لطفه أن يكون اثنان من المتعدد معا متعلق واحد من النشر، كما ذكرنا وأن يكون المتعدد مذكورا بلفظ واحد يستنبط منه على الترتيب، فيقع الترتيب في الاستنباط، لا في الذكر صريحا؛ فإن قوله: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (١) مشتمل على الترخيص وتعليم كيفية القضاء وأمر المرخص برعاية العدة، فالترتيب المرعي في النشر باعتبار أنه يستفاد منه رعاية العدة أولا ثم كيفية القضاء من كون يوم بيوم، ثم الترخيص؛ وبهذا اندفع أنه لم يذكر المتعدد أولا مفصلا؛ لأنه أدى بلفظ واحد هذا.

وأما ما ذكره الشارح بأنه لا يعرف له لطف لا يهتدي إليه، فلا يتجه؛ لأن ذكر ما لكل بعد المتعدد يوجب جعله نشرا للمتعدد، فإذا تعلق بالمجمل بعده يئس السامع عن كونه نشرا له، ثم لما نظر فوجد المجمل عين مفصل سبق وجد أنه متعلق بالسابق معنى، فهو نشر للسابق فيه مزيد دقة؛ لأنه نشر بحسب المعنى من غير أن يكون في اللفظ اقتضاء، بل مع اقتضائه خلافه، ويمكن بيان الآية على وجه لا يحتاج إلى حذف شيء.

لكن عاقني مخافة التطويل عن هذا الكلام الجميل، فعسى أن أوفق لأذكره في تفسيره، في تفسير لكتابه يشتمل على نقيره وقطميره متوكلا عليه، ومتوسلا ببشيره ونذيره.

(ومنه: الجمع وهو أن يجمع بين متعدد) في الذكر (في حكم) أي: في


(١) البقرة: ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>