للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمر الشاهد بصوم الشهر؛ لأنا نقول أمر الشاهد بصوم الشهر وأمر المرخص بعدة من أيام أخر، لتكملوا العدة؛ إذ الشاهد يسهل عليه صوم الشهر فلا يفوته الإكمال، والمرخص يعسر عليه الإكمال لو صام في الشهر، فيكون عرضه لفوات الإكمال، فبالرخصة يسهل عليه؛ فتعليل أمر الشاهد بالإكمال في الأداء له معنى لطيف، ولا يجب أن يكون تعليل أمر المرخص بالتكميل؛ لأن تلاقي المطلوب واجب، بل التعليل لتخصيص الشاهد بصوم الشهر، وتخصيص صاحب العذر بالرخصة فيكون تعليل الأمرين بإكمال العدة في غاية الحسن.

وثانيا: بأنه جعل من تفصيل المعلل ما ليس بمعلل، وترك في التفصيل ما هو معلل إشارة إلى أن ظاهر اللف والنشر غير ما هو حقيقته.

وهذا الذي خص معرفته، والاهتداء به بالثقاة، كما ستعرف تفصيله.

وهذا كلام وقع في البين فحان أن ترجع إلى ما كنا فيه من أن ذلك النوع اللطيف من اللف الذي اهتدى إليه صاحب الكشاف ما هو، فقال الشارح المحقق إنه ذكر بالكل بين ذكر المتعدد أولا تفصيلا، وثانيا إجمالا، فيقع اللف بين نشرين:

أحدهما مفصل، والآخر مجمل.

وفيه أن وقوع النشر بين لفين يتصور على أربعة أوجه، لا يعرف لتخصيص اللطف بما ذكره وجه وأنه يصدق على نحو: ضربت زيدا، وأكرمت عمرا، للتأديب والإحسان أي: فعلت ذلك حقا، فإن الثاني لم يذكر للف، بل لتحقيق ما سبق تأكيده، فالأولى أن يقال إنه ذكر ما لكل بين ذكر المتعدد أولا وثانيا معلقا بالثاني، كما في الآية.

وقال السيد السند شريف زمانه: لا يخفى أن وقوع النشر بين لفين مفصل ومجمل لا يقتضي لطف مسلكه، بحيث لا يهتدى إليه إلا الثقاة، بل لا بد هناك من أمر آخر، وإن كنت في ريب مما ذكر، فتأمل فيما أورد من المثال هل هو بهذه المثابة من الدقة واللطافة.

ما أظن ذا طبع سليم يحكم بذلك، فالوجه أن هذا النوع عبارة عن لف يحتاج تحصيل بعض ما لف فيه إلى دقة نظر، كما أن في الآية تحصيل تعليم القضاء كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>