للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ولدوا منهم لصار مخصوصا بالذكور (والنّهب ما جمعوا والنّار ما زرعوا) أي:

للنار ما زرعوا، فأشجارهم للإحراق تحت القدر، ومزروعاتهم للطبخ، وحمله على كونه للإحراق والتضييع لا يناسب لمن همه فتح الحصن، إنما هو شأن العاجز عنه، القانع بمجرد إضرار أهل الحصن، ولم يلتفت المصنف إلى جعل التقسيم لما دخل تحت قوله: (وأرضهم لك مصطاف) أي: منزل للصيف (ومرتبع) أي:

منزل الربيع، في قوله الدهر معتذر، والسيف منتظر، وأرضهم لك مصطاف ومرتبع من الأرض، وما فيها في كونها خالصة للممدوح، كما في المفتاح؛ لأن نسخ ديوان أبي الطيب غير مختلفة في أن هذا البيت بعد قوله: للسبي إلخ بعدة أبيات؛ لا قبله كما في المفتاح.

(والثاني) أي التقسيم قبل الجمع (كقوله) أي حسان:

(قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا

(سجيّة) خبر (تلك منهم) صفة سجية، فصل بين الصفة والموصوف بمبتدأ الموصوف (غير محدثة إنّ الخلائق) جمع خليقة بمعنى الطبيعة والخلق أو الناس، وعلى الأول أشرها صاحب البدع (فاعلم) اعتراض بالفاء (شرّها البدع) (١) على وزن عنب جمع بدعة على وزن حكمة، مؤنث بدع كعلم بمعنى الأمر الذي وجد أولا، وقد جاء بمعنى الحدث في الدين بعد الاستكمال، أو ما استحدث بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم من الأهواء والأعمال، والمناسب هنا الأول، ولا حاجة إلى جعله مجازا عن المستحدثات متفرعا على المعنى الثاني كما في الشرح، ولا يخفى أن المصراع الأخير يفيد أن شر الخلائق مسلوبة عنهم، وهو لا يليق بمقام المدح؛ واللائق إثبات خير الخلائق لهم؛ إلا أن يقال: المقصود تعريض مخالفتهم بأن لهم شر الخلائق، فصل في البيت الأول ما تحت سجية منهم غير محدثة.

(ومنه: الجمع مع التفريق والتقسيم) قد عرفت وجه عدم تعريفه (كقوله تعالى: (يوم) منصوب بتقدير: اذكر، أو بقوله: لا تكلم (يأت) أي أمر الله، بجعل الضمير لله؛ فحذف المضاف، أو يأتي اليوم أي هوله؛ بجعل الضمير


(١) البيتان لحسان بن ثابت في ديوانه: (٢٣٨)، والإيضاح: (٣١٦)، والطراز (٣/ ١٤٤)، والمصباح: (٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>