للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لليوم، وحذف المضاف كذا قيل، ولك أن تجعل: لا تَكَلَّمُ- بتأويل عدم التكلم- فاعل- يأتي كما جعلوا (تسمع بالمعيديّ) مبتدأ (نفس) بشيء إِلَّا بِإِذْنِهِ (١) أي: بإذن الله، وقول الشارح أي: لا تكلم نفس بما ينفع من جواب أو شفاعة- يوجب أن لا يكون نفي التكلم مطلقا بغير إذنه؛ بل كانوا يتكلمون بما لا ينفع، وظاهر الآية يخالفه، فلا يعدل عنه إلا لداع، والمستثنى منه محذوف: أي لا تكلم بشيء بسبب من الأسباب إلا بإذن الله، ولا يبعد أن يراد بإذنه ما أذن فيه، فيكون مستثنى من شيء، ولا يحتاج إلى تقدير غيره، ولا تدل الآية على ثبوت الإذن حتى تنافى قوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٢) لجواز أن لا يكون التكلم إلا بإذنه، وينبغي الإذن فينبغي التكلم فنفي الإذن في الآية الأخرى لا ينافيه؛ بل يكشف عن حاله، فلا حاجة إلى ما قيل إن في هذا اليوم مواقفا؛ فالإذن في موقف، ونفيه في آخر، أو المأذون فيه الكلام الحق، والممنوع عنه العذر الباطل، وإلى ما يمكن أن يقال الإذن في بعض اليوم، والمنع في بعض آخر.

فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ تفريق لا جمع تحت النفس التي عمت بوقوعها في سياق النفي، والمراد بالشقي: الشقي المطلق، وكذا بقوله: وَسَعِيدٌ (٣)، فيكون التفريق ظاهرا؛ لكن لا يكون حاصرا، ولا بأس به؛ لأنه ليس في النظم ما يدل على إرادة الحصر. وقوله: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (٤) أي: احتباس النفس بحيث يدخل ويخرج بشدة، ويشقه أو صوت الحمير خالِدِينَ فِيها ... الآية تقسيم وإضافة ما لكل منهما إليه بالتعيين ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ (٥) قيل: هو في العرف للتأبيد، فلذا أكد به الخلود، وقيل: المراد سماوات الآخرة وأرضها، وهي أبدية، وردّ بأن تأكيد الخلود بما لا يعرف تأبيده لا يليق، ويمكن أن يجاب، بأنه جاز أن تكون معروفة فيما بين


(١) هود: ١٠٥.
(٢) المرسلات: (٣٥، ٣٦).
(٣) هود: ١٠٥.
(٤) هود: (١٠٦).
(٥) هود: (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>