المؤمنين، قبل نزول هذه الآية، أو بأنه مما يعرف بالقياس إلى سماوات الدنيا وأرضها الباقية ببقائها، ونحن نقول جاز أن يكون المراد بالسماوات الجهات العلوية، وبالأرض مقابلها.
إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١) أي: غير مقطوع، بل ممتد إلى غير النهاية، وهذا الاستثناء مما أعمل فيه العرب أفكارهم، واختلفت في توجيهه المعتزلة وأهل السنة، وأكثر كل منهما على الآخر إنكارهم، ولبيانه مقام آخر سنبينه في مقامه إن وفقنا والأجل تأخر؛ لكن مما لا أثر له فيما بينهم ويخاف أن يفوت ما قد وهبنا الحي الذي لا يموت فنذكره لك، وهو أن الغرض من الاستثناء تعليق الخلودين بمشيئة الله، لا إخراج زمان من أزمنة كون الفريقين في الدارين، إلا أنه يخرج من أزمنة خلود بعض الأشقياء في النار بعض الأزمنة؛ للعلم بتعلق مشيئة الله به من الشرع، ولا يخرج من أزمنة الخلود في الجنة شيء للعلم بعدم ذلك التعلق به.
(وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين) فله ثلاثة معان: ولا يخفى أن الأنسب أن لا يفصل بين المعاني بشيء، إلا أن يقال أخره عن الجمع مع التفريق والتقسيم؛ ليعلم أن التقسيم المعتبر في هذا القسم هو الأول دون شيء من الآخرين.
(أحدهما: أن يذكر أحوال الشيء مضافا إلى كل ما يليق به) يرد عليه أنه يصدق على بعض ما هو لفّ ونشر مرتب كأن يقال: [ثقال خفاف إذا لاقوا أو دعوا] فلا بد من قيد الإضافة بقولنا على التعيين، ومع ذلك يصدق على ذكر متعدد من الأحوال ثم إضافة ما لكل إليه على التعيين، كأن يقال: لي كسب علم وكسب مال، فذلك للآخرة، والثاني للدنيا، مع أنه تقسيم بالمعنى الأول إلا أن لا يحترز عن صدقه على هذه الأمور، والأظهر أن المراد ذكر أحوال الشيء مضافا إلى كل، مع ذكره ما يليق، وهو المتبادر فافهم.
(كقوله) أي: أبي الطيب (ثقال) صفة مشايخ في البيت السابق أي ثقال