للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لشدة وطأتهم على الأعداء، أو ثباتهم على اللقاء (إذا لاقوا) أي: حاربوا، (خفاف) مسرعين إلى الإجابة (إذا دعوا) إلى كفاية بهم (كثير إذا شدّوا) لأن واحدا منهم يقوم مقام جماعة (قليل إذا عدّوا) (١) ذكر أحوال المشايخ مضافا إلى كل منها ما يناسبها، والإضافة إلى كل ما يناسبه يتحقق فيما إذا كان المناسب للأحوال واحدا، وأضيف إلى الجميع فلا يجب في التقسيم كون المناسب على قدر الحال.

(والاستيفاء أقسام الشيء) أي: التقسيم الحاصر (كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً ككتاب جمع أنثى ووَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً (٢) هو على وزن الغفران كالذكور جمع الذكر خلاف الأنثى، والتزويج بمعنى الإنكاح يتعدى إلى مفعولين بنفسه، وبمعنى التقريب إلى الثاني بالباء، قال تعالى: وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٣) أي: قربناهم، وهو المناسب في الآية فقوله تعالى: ذُكْراناً وَإِناثاً منصوبان بنزع الخافض ولو قال ويزوج من يشاء لتعين الواو فلما عدل إلى الضمير الراجع إلى (من) في الجمل السابقة تبدل الواو ياء، وللتنافي بين التزويج والإفراد بالنسبة إلى فرقة واحدة والتوافق بالنسبة إلى فرقتي، وعلق التزويج بالفرقتين السابقتين حتى احتاج إلى العطف بأو، ولم يعلق بفرقة ثالثة؛ ليعطف بالواو كما في الجمل الباقية تنبيها على أن المشيئتين السابقتين ليس شيء منهما واجبا عليه تعالى، ولا هذه المشيئة، فتدبر. كذا أفاده المحقق شريف زمانه.

وفيه بحث؛ لأن التنافي مطلقا لا ينافي الواو، ولا يجامع أو، ألا ترى أنه لو قيل يهب زيدا إناثا إن شاء، ويهبه الذكور إن شاء يتعين الواو مع أن المقيس عليه واحد، فينبغي أن يجعل مناط اختيار الواو والتنافي مع التصريح بالشرط، وفي تحقيق استيفاء الأقسام في الآية نظر، وإن بينه الشارح المحقق بأن الإنسان إما أن يكون له ولد أو لا يكون، وإذا كان فإما أن يكون ذكرا أو أنثى؛ لأنه فرق بين ما ذكره الشارح وبين ما في الآية؛ لأن في الآية إما أن يكون له إناث أو


(١) البيت في الإيضاح: (٣١٧) لأبي الطيب المتنبي.
(٢) الشورى: ٤٩، ٥٠.
(٣) الطور: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>