مطلقا وإلى تقسيمها لتتعين المقبولة والمردودة، ولذا لم يقل: وهي، بل قال:
(المبالغة أن يدعي لوصف بلوغه في الشدة والضعف حدا).
أما مفعول بلوغه كما قال الشارح: وحينئذ بلوغه فاعل يدعى، وأما مفعول يدعى وفاعله لوصف، وبلوغه بدل منه (مستحيلا أو مستبعدا)، قال الشارح: وإنما يدعي ذلك (لئلا يظن أنه) أي: ذلك الوصف (غير متناه) أي: في الشدة أو الضعف، وتذكير الضمير باعتبار عوده إلى أحد الأمرين المستفاد من كلمة «أو» وليس المستفاد أحد الأمرين مع تأنيث الشدة لتغليب الضعف لتذكيره، أو لتأويلهما بالأمرين، فسوق كلام الشارح دلّ على أن التعريف تمّ قبل التعليل، والتعليل بيان لفائدة المبالغة، وبهذا اندفع أن المبالغة المطلقة لا يشترط فيها أن يكون لهذا الغرض، وإنما كونها لهذا الغرض من شرائط قبولها، ونحن نقول: قوله «لئلا يظن» احتراز عن دعوى بلوغ الوصف حدّا مستحيلا، أو مستبعدا، لإفادة الواقع، لا لدفع الظن، فالدعوى المذكورة إنما تكون مبالغة إذا لم يقصد بها حقيقة الدعوى، بل دفع الظن، فإن كان المقام مقام المظنة فالمبالغة مقبولة، وإلا فمردودة، وجعل التبليغ والإغراق مقبولين مطلقا، بمعنى: قبولهما مطلقا في مقام المظنة، هكذا حقق المرام من كلام ذوي الأحلام.
(وتنحصر) أي: المبالغة لا بمجرد الاستقراء، بل بدليل قطعي، كذا في المختصر (في التبليغ والإغراق والغلو؛ لأن المدعى إن كان ممكنا عقلا وعادة) لو اكتفى بقوله: (عادة) لكفى، إذ الإمكان عادة يستلزم الإمكان عقلا (فتبليغ) والإمكان العادي: أن يكون الإمكان بحكم الوقوع في أكثر الأوقات أو دائما، فدخل في الإمكان عقلا ما يحكم بإمكانه العقل، أو وقوعه نادرا، لكنه خلاف العبارة، ولو لم تحمل العبارة عليه لبطل الحصر، والدليل:(كقوله) أي: امريء القيس يصف فرسا بأنه لا يعرق بكثرة العدو (فعادى عداء) العداء بالكسر: المولاة بين الصيدين، يصرع أحدهما على إثر الآخر في طلق واحد (بين معمول عادي لا عدا) كما عرف في محلّه (ثور) أي: ذكر من البقر الوحشي (ونعجة) أي: الأنثى منها (دراكا) أي: متتابعا (فلم ينضح بماء) أي