للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كقوله) أي: أبي الطيب:

(لم يحك) من حكيت فلانا شابهته وفعلت فعله أو قوله سواء (نائلك) أي عطاءك (السّحاب) أي نائلها (وإنّما حمّت به) أي صارت محمومة به أي بعدم مشابهة نائلها نائلك، وهو الظاهر، أو بسبب نائلك الفائق على نائلها، أو بسبب نائلها النازل عن نائلك (فصبيبها) الذي كان إلى الآن نائلا الآن (الرّحضاء) (١) بالمهملتين ومعجمة على وزن السفهاء العرق من أثر الحمى فنزول المطر من السحاب صفة ثابتة له، لا يظهر لها علة في العادة، وقد علل بأنه عرق حماها الحادثة بسبب أحد من الأمور المذكورة، وفيه نظر؛ لأن لنزول المطر سببا على اختلاف بين أهل الشرع والحكمة، ولا يذهب عليك أنه يمكن جعل البيت من قبيل إثبات صفة غير ثابتة خارجة عن الإمكان، وهو إثبات العرق للسحاب.

(أو يظهر لها) أي للصفة (علة) غير العلة (المذكورة) وذلك قسمان:

أحدهما أن تنفى علته غير المذكورة، ومنه المثال، وثانيهما: أن لا تنفى، وإنما قال غير المذكورة لأنه لو كانت هي المذكورة كانت علة حقيقية، فلم يكن من حسن التعليل في شيء، كذا ذكره الشارح المحقق، وتعقبه المحقق الشريف بمنع الملازمة لجواز أن تكون الظاهرة في العادة غير مطابقة للواقع وتكون من المشهورات الكاذبة، فالتقييد لأنه ليس من حسن التعليل لعدم لطف الاعتبار ودقته، لظهوره بحسب العادة، وقد عرفت حقيقة البحث بما لا مزيد عليه فكن متذكرا متدبرا.

(كقوله [ما به) أي مع الممدوح (قتل أعاديه ولكن يتّقي أخلاف ما ترجو الذّئاب)] (٢) من وجود القتلى بعد محاربة الفريقين فمحبة تحقيق رجاء الراجين وكراهية خيبة الرجاء دعاه إلى قتلهم، فلقتل الأعداء علة ظاهرة في العادة هي النجاة من شرهم وخلوص الملك من ضرهم، فقد نفى عليتها بحصر العلية في الاتقاء عن خيبة الرجاء، وعلله بغير ما هو علته في العادة، قال المصنف:


(١) انظر البيت في الإيضاح: (٣٢٢) الرّحضاء: عرق الحمى.
(٢) البيت للمتنبي، في شرح ديوانه: (١/ ١٤٤)، والأسرار (٣٣٧)، والإشارات: (٢٨١)، والإيضاح: (٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>