(وهو ضربان: أفضلهما) لاشتماله على فصل تأكيد (أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح) لذلك الشيء؛ لا باعتقاد أنها صفة ذم، فإنه كلام كاذب أتى به للجهل، وليس فيه تأكيد ولا تسليم أنها صفة ذم، لمجارات المخاطب؛ فإنه أيضا كلام كاذب، ذكر مطابقا لما يروج عند المخاطب، ولا تأكيد فيه، ولا لدفع توهم أنها أيضا منفية مع صفة الذم، لتلازم بينهما في الانتفاء في غالب الأوقات، كما هو المعتبر غالبا في الإتيان بالمستثنى المنقطع، واشتهر في كتب النحو، فإنها استثنيت حينئذ لدفع توهم ناشىء من النفي السابق، ولا تأكيد فيه بل (بتقدير دخولها) أي صفة المدح (فيها) أي في صفة الذم، فاحترز بهذا القيد عن الأمور الثلاثة هكذا حقق المقام، واحفظه فإنه من الشوارد عن أقوام بعد أقوام، واعلم أن من فوائد المستثنى المنقطع تأكيد الشيء بما يشبه النقيض، على أحد الوجهين اللذين يذكرهما، كما يستفاد من هذا المقام، ولا تنحصر فائدته في دفع الإيهام من سابق الكلام على ما يتراءى من بيان النحو، فادخره واجتنب عن ربقة التقليد التي لا يكون إلا في أعناق اللئام، ويتجه أنه خرج بهذا القيد تأكيد المدح بما يشبه الذم، باستثناء ما ليس عيبا ولا مادحا؛ فإنه يؤكد نفي صفة الذم، كما يؤكد استثناء المادح فالأولى أن يقول بدل قوله:
صفة مدح: ما ليس بصفة ذم، وتأكيد المدح باستثناء صفة مدح عن صفة ذم منفية لا بتقدير دخولها فيها، فإنه يؤكد المدح بالوجه الثاني، فلا يقصر عن القسم الثاني في التأكيد، ولم يدخل في الثاني فاختل الحصر، وغاية ما يمكن أن يقال إنه لا اعتداد به لتقصير متكلمه فيه بفوت فصل التأكيد بلا موجب، بخلاف القسم الثاني، وبهذا ظهر أن الحصر في القسمين استقرائي غير ثابت بدليل قطعي، فلذا لم يستدل عليه كما فعله في كثير من التقسيمات، هذا واشكر الله على ما رزقك من التكريمات.
(كقوله) أي النابغة الذبياني، زياد بن معاوية، والذبيان بالمنقوطة والمنقوطتين من تحت بالضم والكسر قبيلة:(ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم بهنّ فلول) كحصول جمع فل كمد، والفل الثلمة سواء كان في حد السيف أو في غيره