للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من قراع) أي مقارعة (الكتائب) (١) جمع كتيبة بمعنى الجيش، فالعيب صفة ذم منفية قد استثنى منه صفة مدح على تقدير كونها من العيوب، وهي أنهم شجعان؛ لأن وصف سيف الرجل بالفلول من المحاربة كناية عن شجاعته، وقد أشار إلى الاستثناء بتقدير الدخول ببيان مراد الشاعر بقوله (أي إن كان فلول السيف) أي الفلول المعهودة للسيف وهي الفلول من مضاربة الجيوش وإلا فالفلول قد تكون عيبا، ثم اشتغل ببيان وجه التأكيد بقوله (فأثبت) أي الشاعر (شيئا منه) أي العيب (على تقدير كونها) أي فلول السيف (منه) أي من العيب، هكذا حقق المقام، ولا تتبع ما وقع للشارح من وساوس الأوهام فاطلع عليه، وأعرض عنه في مختصره لكونه من زلة الأقلام، وهو أي كون الفلول المذكورة من العيب محال لما عرفت (فهو) أي إتيان شيء من العيب (في المعنى تعليق بالمحال) وإن خلت العبارة عن تعليق (فالتأكيد فيه (٢) من جهة أنه كدعوى الشيء ببينة) (٣) لأنك قد علقت نقيض المطلوب وهو إثبات شيء من العيب بالمحال، والمعلق بالمحال محال؛ فعدم العيب ثابت، ويمكن أن يكون تقدير دخولها في الصفة المذمومة المنفية لتنزيلها منزلة المذمومة، في جنب صفات أخر له صفة ذم، وللتأكيد في هذا الضرب جهات ثلاث، وهذا الوجه يجري في الضرب الثاني، فهو ثاني الوجه الذي ذكر فتأمل.

(ومن جهة أن الأصل في مطلق الاستثناء الاتصال) (٤) لأنه حقيقة الاستثناء على ما تقرر في الأصول، والأصل الذي لا يعدل عنه بلا صارف وهو الحقيقة (فذكر أداته قبل ذكر ما بعدها يوهم) الإيهام اشتهر في الدلالة الضعيفة، وتوافقه اللغة؛ لأن الوهم بمعنى خطرة القلب، أو طرف التردد المرجوح، فلذا اعترض عليه بعض الشارحين، أنه قبل ذكر ما بعد ما يدل دلالة قوية، فلا يليق التعبير بالإيهام، ويمكن أن يجاب عنه بأن الإيهام كثيرا ما


(١) البيت في ديوانه: (٤٤)، والإيضاح: (٣٢٥)، والإشارات: (١١١)، والتبيان للطيبي، والمصباح: (٢٣٩).
(٢) أي في هذا الضرب مطلقا.
(٣) لأنه علق نقيض الدعوى وهو إثبات شيء من العيب بالمحال، والمعلق بالمحال محال، فيكون عدم العيب محققا.
(٤) يعني أن أصل الاستثناء مطلقا، ذلك لا في هذا الباب؛ لأنه فيه منقطع في كل من ضربيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>