للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أنا أفصح العرب بيد أني من قريش) (١) بيد بمعنى غير مختصة بالمنقطع، مضافة إلى أن، كذا في الرضى، وزعم المغني أن بيد للتعليل، فالمعنى: أنا أفصح العرب لأجل أني من قريش، ولا يخفى أن هذا التعليل لا يثبت المدعي، وجعل ابن مالك تقدير الكلام لا نقصان في فصاحتي، إلا أني من قريش، فهو من الضرب الأول، وفي القاموس بيد وبائد بمعنى: غير، ومن أجل، وعلى هذا، وحمله على معنى على احتمال قوي فلا يفوتك.

(وأصل الاستثناء فيه) أي في هذا الضرب (أيضا أن يكون منقطعا) لأن الأصل في استثناء ما ليس بداخل فيما قبل الأداة، أن يكون منقطعا بعد خروجه عن أصله الذي هو الاتصال، وجعله متصلا بتقدير الدخول كما في القسم الأول خلاف الأصل، وربما يكون الشيء على خلاف الأصل، وعلى الأصل في هذا الخلاف، ألا ترى أن الإعراب بالحرف خلاف الأصل، والأسماء الستة على الأصل في الإعراب بالحرف، وهو كونها بالحروف الثلاثة فلا تنافي بين هذا الكلام وما سبق أن الأصل في الاستثناء الاتصال، لأن هذه الأصالة بعد العدول عن الأصل الأول، وقد أجاب الشارح بأن الأصل في مطلق الاستثناء الاتصال، وفي استثناء ما ليس بداخل الانقطاع، فلا تنافي، وبما قررنا اندفع أن الواجب في الاستثناء فيه وما سبق أيضا أن يكون منقطعا، فلا معنى لقوله: الأصل، لأنك عرفت أنه يمكن جعله متصلا بالتقدير، كما يدل عليه قوله (لكنه) أي الاستثناء المنقطع في هذا الضرب.

(لم يقدر متصلا (٢) كما في الضرب الأول) بل بقى على حاله من الانقطاع، وبهذا تأكد بعض ما استثناه لك فاعتصم به (فلا يفيد التأكيد) بالوجه الأول الذي هو إثبات الدعوى بالبينة الحاصلة من التعليق بالمحال فلا يفيده (إلا من الوجه الثاني ولهذا) أي لاشتمال الضرب الأول على فضل تأكيد (كان الضرب الأول أفضل) في التأكيد، أو أفضل في الاعتبار، قال المصنف:


(١) أورده العجلوني في كشف الخفاء (١/ ٢٣٢)، وقال: «أورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده».
(٢) أي كما قدّر في الضرب الأول؛ لأن الاستثناء فيه منقطع ولكنه يقدر متصلا، وإنما لم يقدر هنا متصلا؛ لأنه ليس فيه صفة ذم عامة منفية يمكن تقدير صفة المدح فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>