أيضا سهو؛ لأنه لم يشترط في المطرف اجتماع الحرفين، وقيل لو اتحد عينا الكلمتين فكان تجنيس تصحيف، ولو اتحد لاماهما لكان مضارعا، فلما تحادنت الصنعتان صار مشوشا، ولما لم يكن كلام المفتاح هنا ظاهر المعنى لم يلتفت إليه المصنف، ويمكن أن يقال: أراد بالتجنيس المشوش ما يكون بين صورتي كناية المتجانسين تقارب كما في البلاغة والبراعة، فإنه لو اتصل الألف بالراء لالتبست باللام، ولو انفصلت عن اللام لالتبس اللام بالراء.
قال الشارح المحقق: ومن أنواع التجنيس تجنيس الإشارة، وهو أن لا يظهر التجنيس باللفظ، بل بالإشارة، كقوله: للشيخ لحية فرعونية سلط الله عليها موسى، حلقت لحية موسى باسمه وبهارون إذا ما قلبا.
(ويلحق بالجناس شيئان: أحدهما أن يجمع اللفظين الاشتقاق) عدل عن عبارة المفتاح: وكثيرا ما يلحق بالتجنيس الكلمتان الراجعتان إلى أصل واحد بالاشتقاق، لما فيه من المسامحة؛ لأن اللاحق أن يجمع الاشتقاق اللفظين لا نفس الكلمتين، ولأنه لا يشتمل القول والقائل، لأنهما لا يرجعان إلى أصل واحد، بل القائل يرجع إلى القول، ثم المتبادر من الاشتقاق الصغير؛ فلذا فسره الشارح المحقق بتوافق الكلمتين في الحروف الأصول. مرتبة مع الاتفاق في أصل المعنى، لكنه ترك قيد الترتيب في الحروف الأصول في المختصر، فجعل تعريفه شاملا للاشتقاق الكبير، مثل: جبذ وجذب، فكأنه وجد في كلامهم ما أوجب التعميم، لكن تعريفه يوجب عدم الامتياز بين المشتق والمشتق منه، فالتعريف الصحيح رد كلمة إلى كلمة توافقها في الحروف الأصول، وأصل المعنى، وينبغي أن يراد بأصل المعنى أن ما لا بد منه التوافق فيه لا يفي التوافق في خصوص المعنى إذ المضرب مصدرا مستثنى من الضرب مع توافقهما في خصوص المعنى، ولا يخفى أن بين قال وقال مصدرا جناس فيلزم كون المتجانسين ملحقين بهما، ويمكن دفعه بأن يقال: وقال توافقني توافقاني أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها فمن هذه الحيثية هما متجانسان، وتوافقا في الاشتقاق، فمن هذه الحيثية من الملحقات، بقي أنه يلزم أن لا يكون بين الصحبة والصحابة حسن جناس الاشتقاق، مع أنه لا يسقط عن درجة الضرب والمضرب.