للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نحو قوله تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) (١) فإنهما مشتقان من القيام هو الانتصاب، والقيم المستقيم المعتدل لا إفراط فيه ولا تفريط، أو القيم لمصالح العباد، أو على الأديان الشائعة بالشهادة بصحتها.

(والثاني أن يجمعها) أي اللفظين (المشابهة وهي) أي المشابهة في هذا المقام في الاصطلاح (ما يشبه الاشتقاق) أي توافق يشبهه، فإن قلت لا فائدة لقوله (وليس باشتقاق) لأن مشابه الشيء لا يكون إياه! قلت لعله رد لمن حمل قولهم المشابهة على الاشتقاق، فضمير ليس للمشابهة لا لما يشبه حتى يكون لغوا، وتذكيره لتذكير الخبر، فاعرفه، فإنه من الملهمات، والمراد بشبه الاشتقاق ما يتوهم في بادئ النظر اشتقاقا ولم يكن.

(نحو: قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ) (٢) أي قال لوط لقومه، فإن قال وقالين مما يتوهم في بادئ النظر أنهما من القول، ويضمحل بأدنى تأمل ويظهر أن قالين من القلا كإلى بمعنى الترك، فإن قلت قالين وقال كجوى وجوانح، فيكون بينهما تجنيس مذيل! قلت: فليكن من هذه الحيثية ومن حيث شبه الاشتقاق لاحقان بالمتجانسين وقد عرفت نظيره.

(ومنه) أي من الضرب اللفظي من الوجوه المحسنة (رد العجز) هو في المشهور هنا كعضد، وهو في اللغة على خمس لغات، كفلس وقفل وعلم وكتف، (على الصدر) أي أعلى مقدم الشيء فرد العجز على الصدر إنما يتحقق فيما وقع أحد اللفظين في صدر البيت، أو المصراع، وأما إذا وقع في حشو المصراع الأول أو آخره أو حشو الثاني فلا؛ لأنه لم يرد العجز على أعلى مقدم الشي لا المصراع، ولا البيت، فما في الشرح أن المصنف لم يلتفت إلى ما في حشو المصراع الثاني كما التفت إليه المفتاح؛ لأنه لا صدارة لحشو المصراع الثاني فيه ضعف لأنه لا صدارة لما في حشو المصراع الأول، وآخره أيضا فالوجه أن حسن رد العجز على الصدر أنه إعادة في صورة الإفادة أو إفادة في صورة الإعادة؛ لأنه في التكرار إعادة في صورة الإفادة، إذ الشائع في التكرار التوالي، فإذا فصل بين المتكررين أوهم


(١) الروم: ٤٣.
(٢) الشعراء: ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>