التركيب، لكونهما مركبين، ولو أردت تطبيقه على كون الجناس المركب بين مفرد ومركب لا غير فاجعل الجناس بين دعا ودعا، وكونه في آخر البيت ككون قليلها في آخره، وقد مر الكلام عليه، ويحتمل أن يكون البيت من قبل المكررين بأن يكون قبلكما خبر داعي الشوق، أي داعي الشوق كان قبلكما، ويكون دعاني في آخر البيت تكرار الأول، لكن ما حمله عليه المصنف أبلغ لما في المفتاح، والأحسن في هذا النوع أن لا يرجع الصدر والعجز إلى التكرار.
(وقوله) أي الثعالبي: [وإذا البلابل] جمع بلبل وهو الطائر المعروف [أفصحت] أي تكلمت بالفصاحة فالباء في قوله [بلغاتها] صلة أفصحت بمعنى تكلمت كما أنه في تكلم بالشيء أصله تكلم أو هو من أفصح الصبح أي ظهر والباء للتعدية، أي أظهرت لغاتها وجعلها متكلمة بلغات متعددة لاختلاف نغماتها [فانف البلابل] جعله الشارح المحقق جمع بلبال بمعنى الحزن لكن القاموس جعله كالبلبلة والبلبال بمعنى شدة الهم والوسواس، وبالجملة المراد نفي بلابل حدثت من إفصاح البلابل، لأن الصوت اللطيف يحرك أحزان الهوى [باحتساء] أي الشراب (بلابل)(١) جمع بلبل وهو من الكوز قناته التي يصب منها الماء أو جمع بلبلة وهو الكوز الذي فيه بلبل إلى جنب رأسه، والمقصود: نفي توله الحزن بشرب الخمر كثيرا، والمقصود بالتمثيل هو البلابل الثالث بالنسبة إلى الأول، وأما بالنسبة إلى الثاني فليس مما قصد به التمثيل، وإن كان من هذا الباب عند السكاكي، لأنه ليس منه عند المصنف، على أنه لم يذكر الممثل به هناك، لكن فيه رد لما ذكره الشارح المحقق في شرح المفتاح من أنا لم نظفر بأمثلة ما يكون الكلمة الأخرى في حشو المصراع الثاني في شيء من الصور.
(وقوله) أي الحريري يصف أهل البصرة بأن منهم الصالحين المشغوفين بتلاوة القرآن والتأمل فيها، ومنهم أهل النشاط المفتونين بآلات النشاط، هذا هو الظاهر ويحتمل أن يكون تفصيلا لأهل الحق من سكانه بأن منهم الزهاد المشغولين بالقرآن ومنهم أهل الوجد المفتونين بالأصوات الطيبة، كما هو شأن أهل الوجد، فالفاء في قوله:(فمشغوف) للتفصيل (بآيات المثاني) هو القرآن أو ما ثني منه
(١) البيت أورده القزويني في الإيضاح: ٣٣٩، والجرجاني في الإشارات: ٢٩٦، والبلابل الأولى. الطيور المعروفة، والثانية: الهموم، والثالثة أباريق الخمر.