للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألمّا على الدّار الّتي لو وجدت بها ... أهلها ما كان وحشا مقيلها (١)

أي: محل القيلولة فيها، وهي النوم في القائلة، أعني نصف النهار، يعني ما كان خاليا مقيلها، وهذا كناية عن تنعم أهلها وشرفهم؛ لأن أهل الثروة من العرب يستريحون بالقيلولة، بخلاف أهل المهنة فإنهم في القائلة مبتلون بالسعي والشغل؛ وتقدير ألما على الدار: ألما معرجين على الدار، والتثنية لتعدد المأمور، والضمير للتعريج، وحينئذ ظهر كون معرج ساعة خيرا كمال الظهور، بخلاف ما إذا كان الضمير للإلمام كما شرحه الشارح؛ فإنه مع الإبهام والمعرج على وزن اسم المفعول هنا بمعنى التعريج، وهو الإقامة أو حبس المطية على المنزل، وقليلا صفة مؤكدة للتعريج، لانفهام القلة من الإضافة إلى الساعة قبل ذكر قليلا، لا محالة، ولا مجال لتقييد التعريج بالصفة قبل تقييده بالإضافة حتى يكون كل من الوصف والإضافة تقييدا، كما ذكره الشارح، وقوله نافع خبر إن، وقليلها فاعله، ولا يجوز كونه مبتدأ خبره نافع، كما جوزه الشارح، لأنه يلتبس مع التأخير بالفاعل فيجب التقديم، كما في زيد قام، ولا ينفعك جواز الأمرين في ما قائم زيد؛ لأن تجويز كون زيد مبتدأ مع التأخير والالتباس؛ لأنه تعارض الالتباس كون قائم مبتدأ اضطراريا، فللكون في سعة من الابتداء يجوز فيه كون زيد مبتدأ، فلا يتم قياس ما نحن فيه عليه، وضمير قليلها إلى الساعة بتقدير مضاف أي قليل تعريج ساعة، كما ذكره الشارح، والأقرب أن يكون للتعريج بتأويل الإقامة.

هذا وفي المثال بحث، إذ لا بد من بيان فرق بينه وبين لو اختصرتم، حتى يصح جعل اختصرتم في حشو المصراع وجعل قليل في قليلها، في الآخر دون الحشو.

(وقوله: [دعاني]) تثنية دع بمعنى اتركاني [من ملامكما] الملام مصدر كالملامة ([سفاها]) بالفتح خفة العقل ونقيضه ([فداعي الشّوق]) الفاء للتعليل ([قبلكما دعاني]) (٢) فعل من الدعاء، والجناس بين دعاني ودعاني جناس


(١) البيت لذي الرمة في ديوانه: ٢/ ٩١٢، وهو أسبق من البيت السابق.
(٢) البيت للقاضي الأرجاني، وهو في الإيضاح: ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>