للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتساوي القرائن على متفاوتها مطلقا؛ لجواز أن يكون المتساوي من السجع الطويل، والمتفاوت من القصير، والتحقيق أن كلا من الترصيع والقصر والتساوي من موجبات الحسن، فكل ما اجتمع فيه جهات الحسن أو كثرت فيه فهو أحسن، وكل ما انفرد فيه جهة حسن فهو أحسن من آخر من وجه.

(ثم ما طالت قرينته الثانية) نبه بكلمة ثم على كثرة رجحان التساوي على التفاوت والمراد بالطول الطول اللغوي بالنسبة إلى الفقرة الأخرى، كما لا يخفى، والمراد طول لا يخرجه عن الاعتدال، صرح به ابن الأثير.

(نحو وَالنَّجْمِ إِذا هَوى أي: سقط ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ أي: الرسول وَما غَوى (١) وقرينته الثالثة) بشرط أن لا يزيد على الثانية، والأولى معا كثيرا، فإن الأوليين يحسبان في عدة واحدة، صرح به ابن الأثير.

قال المصنف: وقد اجتمعا أي- طول الثانية والثالثة- في قوله تعالى:

وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٢) هذا فتأمل (نحو: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) (٣) أي أدخلوه (ولا يحسن أن يولي) من الإيلاء (قرينة أخرى) مفعول ثاني للإيلاء، والأول قرينة بانت عن الفاعل (أقصر منهما كثيرا) وفيه رد على ابن الأثير من وجهين حيث جعل قصر الثانية مطلقا عيبا فاحشا، بتقييد القصر بالكثرة، وتعبير العيب الفاحش لا نفي الحسن.

(والأسجاع مبنية على سكون الأعجاز) أي بناء السجع على سكون العجز أي الحرف الآخر من الفاصلة؛ إذ الغرض من السجع وهو الازدواج لا يحصل إلا بالبناء على السكون، وذلك السكون أعم من أن يكون في الفاصلة من أصل وضعها، كما في دعا تثنية أمر، ودعا فعلا ماضيا، أو يحصل بالوقف، ولذا قال مبنية على السكون ولم يقل مبنية على الوقف، ومما لا ينبغي أن يذهب عليك أنه لو لم يوقف على الفاصلتين المختلفتين الإعراب لا يخرج الكلام به عن السجع لصدق تعريف السجع عليه، وهو تواطؤ الفاصلتين على حرف، وإنما يفوت


(١) النجم: ١، ٢.
(٢) سور العصر.
(٣) الحاقة: ٣٠، ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>