الروى قدمه لأنه أحوج إلى التوضيح، أو لأن تعامل المثال المثل به في الجملة أو لكونه قرآنا، فالراء بمنزلة الروى، جيئ قبلها بالهاء المفتوح في الفاصلتين، وشيء من الفتحة والهاء لا يلزم في السجع ليتحقق السجع بين تظفر وتسخر، وبين تبصر وتغفر، قال الله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (١)(ونحو قوله: [سأشكر عمرا] ممدوحه [إن تراخت منيّتي] وفي سأشكر عمرا التراخي المنية لطيفة، وإن لا يفي صورة الكتابة بحمله على شكر العمر والبقاء [أيادي] بدل من عمرا، ولو جعل بدل الكل مبالغة في أيادي عمر كأنه عين الأيادي الموصوفة لكان لطيفا [(لم تمنن)] أي لم تعط أو لو لم تخلط بمنه والمن في أصل اللغة قطع الحبل ففي نفي المن إشعار بأنها في الاتصال كالحبال أو لم تعط قبل [(وإن هي جلّت)] يحتمل الوصل بالشكر أي سأشكر وإن هي عظيمة، وشكر عظيم النعم مشكل جدا، وفيه شيء، وهو فرض عدم جلالة أيادي الممدوح والوصل بعدم القطع، أو عدم الخلط أو عدم الإعطاء لأحد من قبل، وفيه أيضا وصمة العرض المذكور، ولا في الاحتمال الأخير لأن هي في راجعة إلى أياد أعطيت قبل، فلما بالغ في أيادي عمرا كأنه مثل عنه فأجاب بقوله: [(فتى)] أي هو فتى أي شاب، اتصف بهذه الصفات الكريمة واجتماعها مع الشباب أعزب أو ستحى كريم فإن النبي جاء بهذا المعنى أيضا [(غير محجوب)] ممنون [(الغنى)] ضد الفقر أي لا يحجب ماله [عن صديقه] إذ لا يحجبه الغنى وتكبره عنه، فعلى الثانية الإضافة معنوية، أي ينتفع صديقه عن ماله كمال الانتفاع [ولا مظهر] اسم فاعل على ما هو المشهور، والأنسب بالمحجوب جعله اسم مفعول مضافا إلى مرفوعه الذي هو [الشّكوى إذا النّعل زلّت] أي زلت به، يقال في الكناية عن يزول الشر وامتحان المرء زلت به القدم وزلت به الفعل أي لا يظهر الشكوى إذا نزل به البلاء، بل يصبر، فالمعنى أن الصديق ينتفع لمنافعه ولا يتضرر بمضاره أصلا، حتى لا يحزن بها، لأنه يخصها ولا يظهرها، ذلك إن تجعل إذا النعل زلت عبده عن حال الصديق، يعني زلت، النعل بالصديق، وابتلى الصديق، أي لا يظهر الشكوى عن الابتلاء بإصلاح حاله وثقل التعب في دفع وباله، والأبلغ تعميمه، ولو جعل ولا مظهر الشكوى