للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صيغة المفعول وزلة النعل للصديق، يعني لا يظهر الصديق شكواه عنده عند ابتلائه لعدم الحاجة، لأنه إكمال مراعاة حال صديقه لا يحوج الصديق إلى إظهار الشكوى لكان شديد الارتباط بما بعده، وإن كان في فهم هذا المعنى عنه نوع خفاء فتأمل.

([رأى خلّتي]) هي بالفتح الحاجة والفقر، وفي المثل الخلة تدعو إلى السلة أي السرقة، فاحملها على أي المعنيين شئت ([من حيث يخفى مكانها]) خفاء مكان الشيء مبالغة في خفائه أو المراد بمكانها وجودها، يعني لكمال ترقب حالي يرى حاجتي في موضع أخفها فيه عنه (فكانت قذى) كعلي ما يدخل في العين وتتأذى به [العين]، قال الشارح يعني يكون كالداء الملازم له (حتّى تجلّت) (١) بحسن اهتمامه، هذا ويحتمل أن يكون كونه قذى عينيه أنه لا يغفل عنه، ويكون عيناه مشغولين به، كما لا تعقل عن قذاة، فالروى هو التاء، والتزم قبلها اللام المشددة المفتوحة، وهو ليس بلازم في الشعر، بل تتم نزلت ومدت وغيره، فالملتزم ثلاثة أشياء لا يلزم شيء منها، الفتحة واللام والتشديد، فقول الشارح:

في البيت نوعان من لزوم ما لا يلزم قاصر، قال المصنف في الإيضاح: وقد يكون ذلك في غير الفاصلتين أيضا، كقول الحريري: [وما اشتار] أي أخرج العسل [من اختار الكسل] يعني يلحق في التحسين للزوم ما لا يلزم، التزام ما ليس بلازم في غير الفاصلتين، كالتزام التاء في اختار واشتار، ولم يرد أنه داخل في لزوم ما لا يلزم، وكيف والمراد بالوقوع قبل حرف الروى وقوعه بلا فاصلة، وإلا لم يكن للتقييد به فائدة بل ينبغي أن يقال في تفسيره: هو أن يجئ في الفقرة أو البيت ما ليس بلازم في السجع، إلا أن يقال مقصوده الاعتراض على تعريف القوم، والتنبيه على ما صرح عنه لتعريف حاله من الاختلال، ولا لفوت ما خرج عنه.

(وأصل الحسن) لا مجرد له (في ذلك) الضرب من المحسنات أعني اللفظي ولذلك أفرد ذلك ولم يقل في ذينك، وبها أكد ذلك بكله لئلا يوهم اختصاص


(١) سبق البيتان الأولان في الكلام على حذف المسند إليه. والخلة: في البيت الثالث الحاجة، والقذى:
الرمد، وقوله: «تجلت» بمعنى انكشفت، والشاهد في التزامه اللام المشددة والفتحة قبلها في الأبيات الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>