(اتفاق القائلين) بلفظ الجمع المراد به ما فوق الواحد أو بلفظ التثنية اكتفاء بأقل ما يقع (إن كان في الغرض على العموم)(١) أي مشتملا على العموم أو بناء على عموم الغرض. وشموله للبلغاء غير مختص ببليغ دون بليغ (كالوصف بالشجاعة) كعلاقة منه (والسخاء وحسن الوجه وإليها) أي الحسن مطلقا (فلا يعد) بفتح الدال أو كسرها على أن يكون صيغة أمر يفيد الإيجاب فيسحن مقابلته مع قوله، وإلا جاز أن يدعى فيه السبق والزيادة، أو ضمها خبر فمحمول على وجوب عدم أو بقرينة المقابلة (سرقة) والاستعانة ولا أخذا ونحو ذلك مما يؤدي هذا المعنى.
(لتقرره) أي التقرر هذا الغرض العام (في العقول والعادات) ويشترك فيه الفصيح والأعجم والشاعر والمفحم (وإن كان في وجه الدلالة) على الغرض (كالتشبيه) والمجاز والكناية المشار إليها بقوله (وكذكر هيئات تدل على الصفة لاختصاصها) أي تلك الهيئات (بمن) الأولى بما (هي) أي الصفة (له) ولا يخفى أن السرقة في وجه الدلالة كما تكون باعتبار طرق الدلالة المتفاوتة في الوضوح والخفاء تكون باعتبار المحسنات البديعية أيضا (كوصف الجواد) أي السخي والسخية (بالتهلل) أي تهلل الوجه وهو كتهلل السحاب تلألؤه (عند ورود العفاة) جمع عاف وهو الضيف وطالب الفضل أو الرزق، والكل حسن في هذا المقام (وكوصف البخيل بالعبوس) كالدخول ضد التهلل، وجعله كالقبول بعيد عن القبول وقوله (مع سعة ذات اليد) قيد للتهلل والعبوس معا؛ لأن تهلل الجواد لا يكون مع قلة ذات اليد عند ورود العفاة والعبوس مع قلة ذات اليد؛ ليس من خواص البخيل وذات اليد المال سمي ذات اليد لأن اليد تفعل معه ما لا تفعل بدونه، فكأنه يأمر اليد بالعطاء والإمساك واليد مملوكة له (فإن اشترك الناس في معرفته) أي معرفة وجه الدلالة على الغرض (لاستقراره فيها) أي في العقول والعادات كتشبيه الشجاع بالأسد والجواد بالبحر (فهو كالأول) أي
(١) الغرض: هو المعنى المقصود، ومعنى كونه على العموم أنه يقصده كل الناس فلا بد من أمرين: أن يكون الاتفاق في الغرض لا في الدلالة عليه، وأن يكون الغرض عامّا، فإذا كان الاتفاق في الدلالة فهو مما يمكن ان يدعى فيه السبق والريادة كما سيأتي، وإن كان الاتفاق في غرض خاص فهو مما يمكن أن يدعى هذا فيه أيضا.