للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه قال المصنف: أنا لا نسلم أن المعنى على الماضي، بل المعنى أن الزمان بهلاكه يكون بخيلا أبدا، فيبقى على وجه الدهر، ودفعه بأن الزمان لما سخا به والسخاء البذل للغير فقد خرج عن تحت تصرفه، فلا معنى للإخبار بأنه لا يسمح بهلاكه، لأن هذا الإخبار إنما يفيد في حق من يقدر على هلاكه، واعترض على الدفع بأن الزمان لما سخا به فقد خرج عن تحت تصرفه بالاتحاد، لأنه تحصيل الحاصل، وأما تصرفه بالإهلاك فباق، فله أن يسمح به، وأن يبخل.

وأجاب الشارح عن اعتراض المصنف: بأن احتمال الحمل على هذا المعنى لا يضر، لأنه مع ذلك الحمل أيضا أدون من مصراع أبي تمام، لاحتياجه إلى تقدير مضاف لا يدل عليه قرينة، على أن هذا المعنى مما لم يذهب إليه أحد ممن فسر البيت، والعلاوة ضعيفة، وقد عرفت في أثناء شرح مصراع أبي تمام اشتماله على ما يفضله على مصراع أبي الطيب فاحفظه.

(وإن كان) الثاني (مثله) أي مثل الأول (فأبعد) أي فهو أبعد أي فالثاني أبعد (عن الذم) من الثاني من القسم الثاني.

فإن قلت: هل يتأتى في القسم الثاني بعد من الذم، كما هو قضية صيغة الأبعد؟ قلت: نعم، الأقرب إلى الذم والأعرف فيه ما أخذ فيه اللفظ كله من غير تغيير لنظمه.

(والفصل الأول كقول أبي تمام: [لو حار]) أي نظر إلى الشيء فغشى ولم يهتد لسبيله ([مرتاد]) اسم فاعل من الارتياد بمعنى الطلب وإضافته إلى (المنيّة) بمعنى من [لم يجد إلا الفراق] فيستثني من قوله دليلا [على النّفوس] متعلق بقوله [دليلا] (١) وقول أبي الطيب:

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا (٢)

الضمير في «لها» للمنايا وهو حال عن المنايا، وهو أقرب من جعله حالا من سبلا، كما في الشرح، ووجدت إما بمعنى العلم والمفعول الثاني قوله إلى أرواحنا


(١) البيت في الإيضاح: ٣٥٢ لأبي تمام. حار: تحير ولم يهتد إلى وجه الصواب. مرتاد المنية: الباحث عن المنايا المنقب على النفوس ليهلكها، فالإضافة بيانية.
(٢) انظر البيت في الإيضاح: ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>